ويجب على الإنسان أن يطلب أعلى المراتب؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتم فاسألوه الفردوس الأعلى من الجنة)، ونهى أن يسأل بوجه الله الكريم إلا الفردوس الأعلى من الجنة، فلا ينبغي للمسلم أن يرضى بالدون، بل معرفة الله تعالى تقتضي من الإنسان أن يكون ذا همة عالية تسمو به إلى المراتب العلية فيتعلق بما عند الله سبحانه وتعالى، ويتدرج في درجات الإيمان، ويحاول زيادة الاطمئنان كلما تقدم به العمر إلى أن يكون خير عمره آخره، فحينئذٍ يبلغ المستوى المطلوب، ويقدم على الله سبحانه وتعالى وهو عنه راضٍ، وهذا هو الهدف المطلوب من التعرف عليه.
فنحن محتاجون إلى أن نعرف ربنا لنحبه ونتعلق به ونطلب ما عنده، ونثبت إيماننا وطمأنينتنا ويقيننا، ولهذا فإن إبراهيم عليه السلام الذي وصل إلى مقام الخلد، قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْييِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة:260]، وهذا امتحان امتحنه الله به، (أولم تؤمن)، فهو قد طلب وقد حدد هدفه في مطلبه، لكن الله امتحنه فقال: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} [البقرة:260]، وهو يعلم أنه قد آمن، فنجح إبراهيم في هذا الامتحان كغيره من الامتحانات، ولذلك قال الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة:124]، ولهذا استحق الإمامة، قال: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة:124]، ولذلك يقول العلماء: إذا جمع المرء بين الصبر واليقين نال الإمامة في الدين، لقول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:24].