إن كثيراً من الناس حين يطرح هذا السؤال -وهو: كيف نعمل للإسلام- ينطلق من نظرة عجلى ضيقة فيقول: نحن اليوم في أمة الإسلام ونراها وهي أضعف الأمم وأذلها، وأبعدها عن النهج الصحيح، حتى في أمور الدنيا تكون في مؤخرة الركب دائماً، ولا يوزن لها أي ميزان، وقد انتشر فيها من أنواع المخالفات والمعاصي ما لا يمكن عده فضلاً عن إصلاحه، وتأتي الهزيمة من هذا الوجه! فيقول الشخص كيف أعمل وأنا في هذا السيل الجارف؟! فيجد نفسه مضطراً بأن يسير في اتجاه السير، وبذلك يخسر نفسه؛ لأنه ليس مثل أولئك الهالكين الذين لم يرفعوا رؤوسهم بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فأولئك قد حددوا طريقهم وساروا فيها عن قناعةٍ، وهم الذين اتخذوا القرار بأن يضلوا سواء السبيل، ولكن هذا المسكين قد انجرف في السيول الجارفة دون أن يتخذ قراراً بذلك، بل هو تابع سيكون مستضعفاً في الدنيا مستضعفاً في الآخرة، ولذلك في خصومتهم مع الذين استكبروا يوم القيامة نجد هؤلاء المستضعفين يشكونهم إلى الله سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: {يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} [سبأ:31].
ولكن ذلك لا يغني عنهم من الله شيئا، فهؤلاء الذين ساروا مع هذا السيل في اتجاهه قد خسروا أنفسهم وقامت عليهم الحجة بقناعتهم، فلذلك غووا وضلوا عن سواء السبيل، فلم ينالوا حظاً في الدنيا ولا حظاً في الآخرة.