Q هل يمكن الجمع بين الحديث: (اجعلوا آخر صلاتكم في الليل وتراً)، والحديث الذي فيه: النهي عن النوم قبل الوتر، مع العلم أن من صلى الوتر قبل النوم لا يمكن أن يصليه آخر الليل للحديث السابق؟
صلى الله عليه وسلم إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بجعل آخر الصلاة في الليل وتراً، فقال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الفجر أوتر بركعة) أو: (فصل ركعة توتر لك ما سبق)، وقال: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)، لكنه لم يأمر الناس جميعاً بأن يجعلوا الوتر آخر الليل، بل أمر بعض أصحابه لما علم منهم ثقل النوم أن يوتروا قبل أن يناموا، ومن هؤلاء أبو هريرة رضي الله عنهم، قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم: أن أوتر قبل أن أنام)، فهذه الوصية تختص بأولئك، وليست بيد كل الناس، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يوتر إلا في آخر الليل، فقد كان ينام قبل قيام الليل، وهذا هو التهجد؛ لأن التهجد معناه مجانبة الهجود، وإنما تسمى الصلاة تهجداً إذا كانت بعد نوم أو في وقت النوم، ولا تعارض بين الحديثين.
فمن كان إذا نام علم أنه لم يستيقظ فلا ينم حتى يوتر، ومن كان يعلم أنه سيستيقظ وجرت العادة له بذلك فالأفضل له أن يؤخر صلاة الليل بعد أن ينام الناس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلُوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:16] إلى قوله: {يَعْمَلُونَ} [السجدة:17])، لذلك من علم من نفسه أنه إن نام لم ينشط للصلاة، فليوتر قبل النوم، ومن علم من نفسه أنه سيستيقظ وينشط للصلاة فليؤخر صلاته إلى جوف الليل.
اللهم! صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً، اللهم! لك الحمد كالذي نقول، وخيراً مما نقول، ولك الحمد كالذي تقول، لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لك الحمد بكل شيء تحب أن تحمد به على كل شيء تحب أن تحمد عليه، لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لك الحمد أنت أحق من ذكر، وأحق من عبد، وأنصر من ابتغي، وأرأف من ملك، وأجود من سئل، وأوسع من أعطى، أنت الملك لا شريك لك، والفرد لا ند لك، كل شيء هالك إلى وجهك، لن تطاع إلا بإذنك، ولن تعصى إلا بعلمك، تطاع فتشكر، وتعصى فتغفر، أقرب شهيد وأدنى حفيظ، حلت دون النفوس وأخذت بالنواصي ونسخت الآثار، وكتبت الآجال، القلوب لك مفضية، والسر عندك علانية، الحلال ما أحللت، والحرام ما حرمت، والدين ما شرعت، والأمر ما قضيت، والخلق خلقك، والعبد عبدك، وأنت الله الرءوف الرحيم، نسألك بعزك الذي لا يرام، وبنورك الذين أشرقت له السماوات والأرض أن تهدي قلوبنا، وأن تستر عيوبنا، وأن تكشف كروبنا، وأن تصلح أحوالنا وأحوال المسلمين، اللهم! ألهمنا رشدنا وأعذنا من شرور أنفسنا، واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، اللهم! اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا، ولا تجعل إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا، اللهم! استعملنا في طاعتك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم! اجعلنا في قرة عين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم! اسقنا من حوضه بيده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً، اللهم! بيض وجهونا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، اللهم! لا تشوه وجوهنا بنارك، اللهم! لا تشوه وجهونا بنارك، اللهم لا تشوه وجهونا بنارك، الله استرنا بسترك الجميل، اللهم استرنا فوق الأرض، واسترنا تحت الأرض، واسترنا يوم العرض، اللهم! أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين أجمعين، اللهم! أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ورد كيد الكافرين، وانصرنا عليهم أجمعين، اللهم! لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا ذا الجلال والإكرام، اللهم! انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم! ثبت أقدامهم، وسدد سهامهم، واجمع كلمتهم.