كنت في يوم من الأيام في بلد من بلاد الكفر، فلقيت رجلاً كان من أشد الناس عداوة لدين الله، وكان هندوسياً حاقداً على دين الإسلام، وقد أسلم وحسن إسلامه، فسألته: على يد من أسلمت؟ فقال: على يد هرة.
أسلم على يد هرة! يقول: إنه خرج مع أصحاب له مسلمين، فوقف على باب المسجد ودخلوا، وجعل هو يستهزئ بمن دخل المسجد، فإذا هرة جميلة على باب المسجد، فأراد أن يمسكها ويداعبها فدخلت المسجد فاستترت، فلم يستطع أن يدخل لخوفه من المسجد، فوقف على بابه فجاءت فخرجت، فأراد أن يمسكها مرة أخرى فدخلت، وتكرر هذا الفعل منها عدة مرات، فقال: إن هذه الهرة تدعوني إلى الدخول هنا.
فدخل فصادف أن وجد هداية الله هناك، وكان ذلك سبب إسلامه.
وكذلك رجل آخر كان من اليهود المتعصبين الحاقدين، وكان طبيباً جراحاً عالمياً مشهوراً، وكان من أشد الناس عداوةً للإسلام والمسلمين، وكان يزعم أن المسلمين هم من أشد الناس قذارة وأقلهم نظافة، فلقيه زميل له من الأطباء المسلمين، فقال: تعال معي إلى المسجد فسأريك طريقة النظافة لدى المسلمين.
فخرج به إلى مسجد كبير في لندن، فأراه الناس وهم يتوضئون، فقال: هكذا يتنظف المسلمون خمس مرات في كل يوم على الأقل.
ووقف على باب المسجد وقال: انتظرني هنا فأنا سأصلي.
فوقف يستمع قراءة القرآن من خارج أبواب المسجد مدوية، ولكنه كان يهزأ بها، وأراد أن يستمع إليها فوقف مقابل باب من أبواب المسجد، فلما سلم الناس خرج إليه عدد منهم، فجعلوا يتهامسون ويقفون حوله ويسألونه: لماذا جئت هنا؟ لماذا لم تصل؟ لماذا لم تدخل المسجد؟ فكثرت عليه الأسئلة، فأخبرهم بالحقيقة وقال: أنا يهودي لست مسلماً.
فلما قال ذلك قالوا: سبحان الله! ما هذا النور الذي في وجهك؟! فضحك وسخر مما قالوا، فإذا الناس يبكون لأنهم رأوا نوراً يتلألأ في وجه هذا اليهودي، فتعجبوا من ذلك عجباً شديداً، وجاء صاحبه فقال: سبحان الله! ما هذا الذي أحدثته بعدي؟ إن في وجهك نوراً عجيباً.
فتعجب الرجل من هذا فخرج إلى المرآة فنظر فإذا النور قد بقي منه شيء بسيط في وجهه، وإذا هو يخبو بالتدريج، فكان ذلك سبب إسلامه، فأعلن إسلامه في ذلك الموقف، وحسن إسلامه وأسلم على يديه والده وبعض أفراد أسرته.
إن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى مباركة ميسرة سهلة، وعلنيا أن نلتزم بتيسيرها وسهولتها ولينها، فخير الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى وأقربهم إليه وأعدلهم في الدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي علمه الله أساليب الدعوة، فقال تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران:159]، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ألين الناس معاملة للناس وأسهلهم، وأحسنهم خلقاً، فالذين عرفوه أقسموا أنهم ما رأوا أحسن منه خلقاً، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: (والله الذي لا إله غيره لقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي لشيء فعلته لم فعلت، ولا لشيء تركته لم تركت).