إن ما نشاهده في دموعنا من الجمود، وفي قلوبنا من القسوة سببه عدم انتفاعنا بالذكرى، وعدم انتفاعنا بالآيات والعبر التي نشاهدها، فآيات الله عز وجل تنقسم إلى قسمين: آيات مسطورة، وآيات منظورة، فالآيات المسطورة هي التي نسمعها ونقرؤها في كتاب الله، والآية المنظورة هي ما يمر علينا من العجائب، كهذا الفجر الذي يطلع منذراً بانقضاء عهد وباستئناف يوم جديد، وهذه الشمس التي تزول ثم تغرب ويتغير نورها بعد أن كان مشعاً شديداً، وهذا الليل الذي قال فيه مالك: (الليل خلق عظيم)، وهذه الأرواح التي تنتقل وتموت وكل يوم نرى محمولين على الرقاب لا يرجعون أبداً، ولا ندري ما حالهم أفي روضة من رياض الجنة أو في حفرة من حفر النار؟ وهذه النار، وهذه الأماكن التي نعيش فيها، وهذه الأماكن التي نصلي بها قد سبقنا إليها ملايين من البشر مروا بها، وكانت أعمالهم ترتفع من هذا المكان، فلا ندري ما نخلفهم فيه هل هو خير مما كانوا يعملون أو دون ذلك؟ نسأل الله أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها.
إننا نرى كثيراً من آيات الله العجيبة، وهي مرآة يجب أن نتذكر بها ونعتبر، ومن أجل هذا قال الله في محكم كتابه: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ * وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:106].
إننا نحتاج إلى أن نحيي قلوبنا، وأن نحدث صلة عميقة بالله عز وجل، وأن نجدد عهدنا به، وأن نتذاكر فيما بيننا، وأن يأمر بعضنا بعضاً وينهى بعضاً بعضاً، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة غير منسوخة، بل هي محكمة دائمة، وعلينا أن نتذاكر أمثال هذا، وأن يأمر بعضنا بعضاً، وأن لا نعد هذا حديثاً معاداً، وأن لا تمله أسماعنا ولا قلوبنا، وما هو إلا خير، وهو خير ما يعرض على الآذان وخير ما يصل إلى القلوب، فينبغي أن لا نمله وأن لا ننقطع عنه.