العلاج الخامس: المعذرة، وهي مهمة جدًا، ولذلك قال الخليل بن أحمد لولده: لو كنت تعلم ما أقول عذرتني أو كنت أجهل ما تقول عذلتك لكن جهلت مقالتي فعذلتني وعلمت أنك جاهل فعذرتك وحصول العذر مدعاة لأن يسير كل على شاكلته، كما حصل في المذاهب الفقهية، فتتعايش بينها، ويستمر هذا التعايش زمانًا حتى تزول من النفوس تلك الحزازة، وتأتلف القلوب، حينئذٍ من شاء أخذ بهذا القول، ومن شاء أخذ بالآخر على اعتبار تساويهما وعدم الانفصال بينهما، ومن ترجح لديه أحدهما وجب عليه الأخذ به، ومن لم يترجح لديه أحد القولين فهو بالخيار أو يأخذ بالاحتياط بينهما.
فهذا هو علاج الخلاف الذي ينبغي أن يؤخذ به.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
وأسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يأخذ بنواصينا إلى الخير أجمعين، وأن يجعلنا هداة مهديين، غير ضالين ولا مضلين، وأن يرينا الحق حقًا، وأن يرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً، وألاَّ يجعلنا أتباعه، وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يجمع على الحق قلوبنا، وأن يملكنا أنفسنا بخير، وألاَّ يسلطها علينا بشر، وأن يجعل سرائرنا خيرًا من علانياتنا، وأن يجعل علانياتنا صالحة.
اللهم! آت أنفسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم! اجعل قلوب المسلمين على الحق يا أرحم الراحمين! اللهم! اخلف نبيك محمدًا صلى الله عليه وسلم في أمته بخير.
اللهم! أبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، وتقام فيه حدودك يا أرحم الراحمين! {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات:180 - 182].