ثم قال: [ما فيهما وكل لحظة نظر أو فلتة من خاطر فيقدر ينظمها حكم القضا في سلكه في ملكوت ربنا أو ملكه] هنا ذكر بعض المسائل التفصيلية المتعلقة بالقدر، وقد سبق تلخيص جل مسائل القدر تقريباً فيما سبق، فقال: (وكل لحظة نظر) أي: كل نظرة ينظر بها ناظر أياً كان من البشر وممن سواهم.
وقوله: (أو فلتة من خاطر)، كذلك كل تذكر من خاطر فهو بقدر الله، سبق في علمه وفي كتابته، وهو عنده في أم الكتاب لا يفوته شيء من ذلك، ولا يقع شيء من ذلك إلا بقدره، وإذا كان هذا في مجرد لفتة الخاطر أو مجرد خطرة البصر فما سوى ذلك من الأفعال كذلك، فكله بقضاء الله وقدره.
وقوله: (وكل لحظة نظر) اللحظة هي النظرة السريعة الخاطفة، يقال: لحظه يلحظه، أي نظر إليه عن بعد.
وقوله: (أو فلتة من خاطر) الفلتة هي مجرد فكرة سنحت في الخاطر.
قوله: (فبالقدر) أي: كل ذلك بقدر الله.
وقوله: (ينظمها حكم القضاء في سلكه)، أي: يجمعها جميعاً حكم القضاء في سلكه، فهي موجودة في الكتاب الذي عند الله تعالى في أم الكتاب، وفي علمه السابق على خلقه، ولم تحصل إلا بإرادته وقدرته وأمره.
وقوله: (في ملكوت ربنا أو ملكه) سواء كان ذلك في عالم الملكوت أو في عالم الملك، فعالم الملكوت: الخفايا التي لا نطلع عليها، وعالم الملك: ما نراه من هذه الظواهر.
ثم قال: [فكل ما يكون من عباده فليس بالخارج عن مراده] كل ما يحصل من عباده من الأفعال يمكن أن يخرج عن مراده، وهذا رد على الجبرية والقدرية معاً، وقد سبق الكلام في هذا، فكل ما يكون من عباده -أي: من خلقه- فليس بالخارج عن مراده، بل لابد أن يكون موافقاً لما أراد.