تفسير قوله تعالى: ((وماكنت ثاوياً في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا))

Q ما هو تفسير قول الله تعالى: {وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} [القصص:45]؟

صلى الله عليه وسلم الله سبحانه وتعالى بين لرسوله صلى الله عليه وسلم ما يقتدي به من هدي الأنبياء السابقين، فبين له ما لقي موسى من الأذى، وما لقي شيخ مدين كذلك من أهلها، وما لقي غيرهما من الأنبياء من الأذى من أصحابهم، وأنهم صبروا على ذلك وصابروا، وهذا تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتسلية له عما يلقى من إعراض قومه وأذاهم، ولذلك فإنه صلى الله عليه وسلم قال: (رحم الله أخي موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر).

وقوله: {وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} [القصص:45] أي: ما كنت مستقراً، والثواء: الاستقرار كما قال عنترة: طال الثواء على رسوم المنزل بين اللكيك وبين ذات الحرمل والمقصود بقوله: (وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا)، أنهم كانوا من أفجر الأمم وأشدهم إعراضاً عن الحق، فلذلك عزي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إعراض قومه بأنه قد نال ذلك من الذين سبقوه على هذا الدرب، فقد لقوا الأذى والإعراض وصبروا عليه: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام:90]، وهذا هو الذي فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لك الحمد بكل شيء تحب أن تحمد به على كل شيء تحب أن تحمد عليه، لك الحمد في الأولى والآخرة، لك الحمد كثيراً كما تنعم كثيراً.

لك الحمد أنت أحق من ذكر، وأحق من عبد، وأنصر من قدر، وأرأف من ملك، وأجود من سئل، وأوسع من أعطى، أنت الملك لا شريك لك، والفرد لا ند لك، كل شيء هالك إلا وجهك، لن تطاع إلا بإذنك، ولن تعصى إلا بعلمك، تطاع فتشكر، وتعصى فتغفر، أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، أخذت بالنواصي، ونسخت الآثار، وكتبت الآجال، القلوب لك مفضية، والسر عندك علانية، الحلال ما أحللت، والحرام ما حرمت، والدين ما شرعت، والعمر ما قضيت، والخلق خلقك، والعبد عبدك، وأنت الله الرءوف الرحيم، نسألك بعزك الذي لا يرام، وبنورك الذي أشرقت له السماوات والأرض، أن تهدي قلوبنا، وأن تستر عيوبنا، وأن تكشف كروبنا، وأن تجعل التقى زادنا، وأن تحقق مرادنا، وأن تصلح أولادنا.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا ولا تجعل إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا.

اللهم استعملنا في طاعتك، واجعلنا هداة مهديين غير ضالين ولا مضلين، اللهم هؤلاء عبادك وإماؤك قد اجتمعوا في بيت من بيوتك يرفعون إليك أيدي الضراعة، فلا تردهم خائبين، ولا تجعلهم عن رحمتك من المطرودين، وهب المسيئين منهم للمحسنين يا أرحم الراحمين! اللهم ما أنت قاسمه من خيري الدنيا والآخرة فاجعل لنا منه أوفر حظ ونصيب، اللهم لا تخرج أحداً من هذا المكان إلا وقد غفرت له، اللهم لا تخرج أحداً منا من هذا المكان إلا وقد غفرت له، اللهم إنك أعلم بنا منا فاقض ما في علمك من حوائجنا، اللهم إنك أعلم بنا منا فاقض ما في علمك من حوائجنا.

اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا أرحم الراحمين! اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن، وجميع الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا أرحم الراحمين! اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، واجعل المال عوناً لنا على طاعتك يا أرحم الراحمين! اللهم استرنا بسترك الجميل، اللهم استرنا فوق الأرض، واسترنا تحت الأرض، واسترنا يوم العرض.

اللهم إن الأمور مرجعها إليك فلا تفضحنا بين يديك، اللهم خذ بنواصينا إلى الخير أجمعين، اللهم ملك علينا أنفسنا بخير، ولا تسلطها علينا بشر.

اللهم آت أنفسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.

اللهم اجعل سرائرنا خيراً من علانيتنا، واجعل علانياتنا صالحة، اللهم استرنا بسترك الجميل.

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يجاهدون لإعلاء كلمتك في كل مكان، اللهم سدد أقلامهم، وسدد سهامهم، واجمع على الحق قلوبهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم أنزل بأسك ورجزك وسخطك وعذابك على كفرة أهل الكتاب الذين يحاربون أولياءك، ويصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، وأنزل بهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين، وأنزل بهم المثلات والقوارع يا قوي يا عزيز! اللهم أخرجهم من بلاد المسلمين صاغرين يا قوي يا متين، اللهم أخرجهم من بلاد المسلمين صاغرين يا قوي يا متين.

اللهم طهر المسجد الأقصى من رجز اليهود.

اللهم كن للمستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، وفك أسرى المسلمين يا أرحم الراحمين، اللهم فك أسر المأسورين من المسلمين يا أرحم الراحمين! اللهم عجل فرجهم يا قوي يا عزيز، اللهم انصر دينك وأظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

اللهم اخلف نبيك محمداً صلى الله عليه وسلم في أمته بخير، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك، ويُذل فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، وتقام فيه حدودك يا أرحم الراحمين! اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك البلاغ، ولا حول ولا قوة إلا بك، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015