أما أركان هذا الإيمان فهي ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم لجبريل حين سأله فقال: (أخبرني عن الإيمان؟ فقال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره)، وفي رواية: (بالله، ولقائه، وكتابه، والبعث بعد الموت)، ولقاؤه هو الموت، والبعث بعد الموت من اليوم الآخر، لكن لقاؤه والبعث بعد الموت كلاهما داخل في مسمى اليوم الآخر؛ لأن الموت من أمور الآخرة وليس من أمور الدنيا؛ لأنه انتقال من حال إلى حال، وتحول من دار إلى دار: (وإذا مات ابن آدم فقد قامت قيامته).
وكذلك لقاء الله، وهو العرض عليه الذي بينه الله تعالى في كثير من الآيات، ومنها قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} [الأنعام:30] , وقوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة:18] , فهذا العرض داخل في اليوم الآخر.
فهذه الأركان الستة تقتضي منا تفصيلاً، وهو ما سنحاول الإلمام بما تيسر منه فيما يأتي.
الركن الأول من أركان الإيمان: الإيمان بالله.
والإيمان بالله هو الذي يسمى توحيداً، والتوحيد يغلط فيه كثير من الناس، فيظنون أنه من التفعيل بمعنى: التصيير؛ لأن (فَعَّل) ترد في اللغة بمعنى: (صَيَّر)، مثل: (كَبَّرتََ الشيء) أي: جعلته كبيراً.
و (ضَخَّمتهُ) معناه: جعلته ضخماً.
و (صَغَّرته) معناه: جعلته صغيراً.
و (صَغَّرتْ هذا الاسم) معناه: نطقت به على هيئة تصغير، ولكن التوحيد مخالف لهذا، فمعناه: اعتقاد أنه واحد.
وليس معناه تصييره واحداً، فهو واحد، والتوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام: توحيد لله في ربوبيته.
وتوحيد له في إلاهيته.
وتوحيد له في أسمائه وصفاته، فهذه ثلاثة أقسام هي معنى الإيمان بالله.