تدبير الله سبحانه للخلق

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فإن الله عز وجل خلق هذه الأرض وما فيها لمصلحة بني آدم، فهيأ لهم وسائل العيش، وجعلها كفاتاً أحياء وأمواتاً، وجمع فيها من أنواع الأرزاق وما تحتاج إليه البشرية، ما لا يمكن أن ينفد حتى تنفد البشرية: (وإن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها).

ومن أجل هذا: فإن من بدائع لطف الله سبحانه وتعالى حين نشر البشرية في هذه الأرض، وعلم بأعداد البشرية الهائلة التي تزداد على الزمن وتتضاعف، أن خلق الموت ليعين به على نقص هذه الأعداد حتى تتسع الأرض لأهلها، ولو لم يخلق الله الموت لامتلأت الأرض ببني آدم، ولأخذوا ما فيها من الخيرات، واستوعبوا ما فيها من الطاقات، ولم يستطيعوا بذلك الاشتراك في العيش في هذه الحياة الدنيا، ولكن الله خلق الموت لهذه الحكمة البالغة.

ثم لو أنه أعلمهم بالموت ولم يخلق لهم الأمل لضاقت عليهم الأرض بما رحبت، حتى لو اتسعت وكثرت الأرزاق فيها؛ لأن من علم أن الموت وراءه يرصده، لا يمكن أن يطيب له عيش؛ لكنه خلق لهم الأمل، فلا يزال الإنسان يؤمل الحياة حتى وهو في السياق والنزع، فيؤمل أن يعيش؛ ولذلك يكتسب، ويقدم شيئاً للذين يعيشون على هذه الأرض من بعده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015