كذلك عندما قامت قبيلة (بدوكل) فأعلنوا الجهاد في سبيل الله من جديد وجددوا دعوة المرابطين وفد إليهم الشيخ سيدي محمد الكنتي من (توات) من جنوب الجزائر، وهو من ذرية عقبة بن نافع الفاتح لهذه البلاد رضي الله عنه، فجاء بعلم جم وسكن في بدوكل، ورباهم على العلم وحببه إليهم، فكان الناس يفدون إليه في طلب العلم.
وخرج من ذريته الشيخ سيدي أحمد البكاي الذي اتجه إلى الحج فنزل بمدينة (ولاته) فرافعه أهلها فقالوا: يجب عليك المقام بين أظهرنا حتى تعلمنا ما معك من العلم.
ورافعوه عند القاضي فحكم لهم القاضي، وكان أهل (ولاته) من ذلك العهد إلى زماننا هذا محبين للعلم يجتمع عليه سوادهم الأعظم.
فلم تكن مدينة من مدن هذه البلاد يجتمع سوادها الأعظم من العامة والتجار وغيرهم في حلقات العلم مثلما كان موجوداً في (ولاته)، ولذلك استمر الحال فيهم إلى هذا الزمان، فهم يختمون صحيح البخاري في شهر شوال بعد أن يقرءوا غالبه في شهر رمضان، ويختمون كتاب الشفا للقاضي عياض كذلك في شهر ربيع الأول، ويجتمع على قراءة هذين الكتابين جماهيرهم وعوامهم إلى وقتنا هذا.