وكل هذا يستشعر به المؤمن المخلص ضرورة طلب العلم، ومنزلته ودرجته عند الله تعالى، ويعلم أنه لا يمكن أن يعبد الله تعالى إلا عن طريقه، فلا يمكن أن يعبد الله على جهل، وما عصي عز وجل إلا عن جهالة، إما عن جهالة به أو عن جهالة بتشريعه، والذين يعصونه من الذين يعرفون أنهم خالفوه قد جهلوه؛ لأنهم لم يتصلوا بمعرفة الله؛ فلذلك عصوه، والذين يعصونه وهم لا يعلمون أنهم عصوه فقد جهلوا تشريعه وما أرسل به رسله؛ فإن الله عز وجل لم يترك البرية سدى، وإنما أرسل إليها الرسل ليعلموها ما أنزل إليهم من ربهم، وليرشدوها إلى ما يرضيه عز وجل، ومن هنا ختم الرسل بمحمد صلى الله عليه وسلم المقفي لما سبق والخاتم له، الذي جاء بهذه الآيات والأحاديث التي سقناها، وحض صلى الله عليه وسلم على هذا العلم وعلى الاتصاف به، وجعل منزلة الناس إنما هي بحسب ما تعلموه وحملوه.
ومن هنا فضّل الله سبحانه وتعالى المهاجرين والأنصار على الأعراب الذين انشغلوا عن طلب العلم.