فالتعامل مع الله سبحانه وتعالى بالأوصاف الذميمة يكون بالأوصاف التالية: أولاً: الشرك، وهو أعظم الأمراض القلبية ضرراً وأخطرها، ولذلك كان أعظم الذنوب، فلا بد أن يتعلم الإنسان الشرك، وأن يعرف ما هو حتى يعلم هل هو متصف بهذا الوصف الذميم الذي هو أخطر الأوصاف أو ليس كذلك، فإذا عرف -ولله الحمد- أنه خالص منه، عرف أن ذلك يحتاج إلى متابعة ومراقبة، وأن نجاته من الشرك ليست من تلقاء نفسه وإنما هي نعمة أنعم الله بها عليه، فتستحق أن تقيد بالشكر، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم).
والإنسان محتاج إلى أن يتابع أنواع الشرك، وأن يعرضها على نفسه، فإذا وجد نوعاً من أنواع الشرك، تخلقت نفسه ببعض أخلاقه، أو ظهر عليها بعض مظاهره بادر للعلاج من ذلك.
ومن أعظم أنواع الشرك: الشرك في العبادة، وهو أنواع كثيرة، وله مظاهر متعددة، منها مثلاً: أن يسجد الإنسان للصنم، فهذا نوع واحد من أنواع الشرك وهو الشرك في العبادة.
ومنها: أن ينذر الإنسان لغير الله، أو أن يذبح لغير الله، أو أن يستغيث بغير الله، فكل ذلك داخل في هذا النوع من أنواع الشرك الذي هو شرك العبادة، لأن كل هذا تذلل وتضرع والتذلل والتضرع هو العبادة، ولا أحد يستحق أن يتضرع له الإنسان ويتذلل له إلا ديان السماوات والأرض وحده.
النوع الثاني من أنواع الشرك: الشرك في الدعوة، وهو التوكل والاعتماد على غير الله سبحانه وتعالى، وهذا أنواع كثيرة، فيدخل فيه -مثلاً- الاستغاثة بغير الله ودعاؤه، وكذلك يدخل فيه أن يعتمد الإنسان على الأسباب وأن يتوكل عليها، وأن يظن الإنسان أن مخلوقاً يملك له نفعاً أو ضراً، أو موتاً أو حياة أو نشوراً، ويدخل فيه الخوف من المخلوق أو الطمع فيه، ويدخل فيه الطيرة والرقى والتمائم والتولة التي هي من أمر الجاهلية.
ويدخل فيه أن يقطع الإنسان عملاً كان بدأه من أجل أنه رأى ما يكره، فهذا نوع من أنواع الطيرة ويدخل فيه كذلك خلطة الجن والكهانة، فكل هذا داخل في هذا النوع من أنواع الشرك.
والنوع الثالث من أنواع الشرك: الشرك في التشريع: لأن ديان السماوات والأرض وحده هو عالم الغيب والشهادة، وهو الذي يشرع لعباده ما يشاء؛ لأنه هو وحده الذي يعلم مصالحهم، ومن هنا قال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21] فلا يمكن أن يشرع ويحل ويحرم ويأمر بأمر وينهى عن أمر إلا ديان السماوات والأرض وحده، ومن هنا فطاعة المخلوق في معصية الخالق تشريع لما لم يأذن به الله بوضع قوانين مخالفة لشرع الله، وكذلك مخالفة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بالآراء الباطلة؛ كل هذا داخل في هذا النوع من أنواع الشرك الذي هو شرك التشريع.
النوع الرابع من أنواع الشرك: شرك المحبة: وهو تعلق القلب بغير الله سبحانه وتعالى محبة ورضاً، والله سبحانه وتعالى هو وحده الذي يستحق المحبة، لأن المحبة إنما تكون على أساس الكمال، أو على أساس الطمع، وهو وحده المتصف بصفات الكمال المنزه عن جميع النقائص، وهو كذلك وحده الذي يملك لعباده ما ينفعهم وما يضرهم، فهو الذي يستحق أن يرجى ما عنده وأن يتعلق به وحده.
وهذه الأنواع من الشرك هي الشرك الأكبر، أما ما دونها من أنواع الشرك فهو الذي يسمى بالشرك الأصغر، وهو أخفى في بني آدم من دبيب النمل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.