كذلك فإن من مقومات شخصية الإنسان المؤمن في مجال التعامل: تعامله مع إخوانه المؤمنين الذين وصف الله تعاملهم فيما بينهم بالرحمة والشفقة، فقال سبحانه وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:29]، ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} [المائدة:54].
ومن هنا فالصفة العظيمة التي كتبها الله على نفسه وأمر بها عباده هي صفة الرحمة، فيتصف بها المؤمنون فيما بينهم، فهم الرحماء الذين يرحمهم الله، ولهذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما يرحم الله من عباده الرحماء)، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من لا يرحم لا يُرحم)، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).
وهذه الرحمة يحتاج الناس إليها في تعاملهم فيما بينهم، وإذا انعدمت فإن الخيرية سترفع، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تزال أمتي بخير ما دام كبيرها يرحم صغيرها، وصغيرها يوقر كبيرها)، فإذا نزعت الرحمة من الناس زالت الخيرية منهم، وعدموا الخير الذي اختارهم الله له: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110].