هذه بعض النماذج في الصدر الأول من المضحيات في سبيل الله، ومن اللواتي نلن حقوقهن كاملةً في ظلال الإسلام، وحفظن حقوقهن ولم يفرقن ولم يفرطن، وعرفن أنهن على حق فلزمنه، وقد اقتفى آثارهن في كل العصور نسوة صالحات مؤمنات، لا خفاء في ذلك ولا إشكال.
فلا نزال نذكر كثيراً من النساء اللواتي كان لهن دور بارز في خدمة الدين، ففي عصر التابعين لا نزال نذكر بعض النساء اللواتي حفظن علم الصحابة كـ فاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوام وصفية بنت أبي عبيدٍ، وغيرهن من النساء اللواتي كان لهن أثر بارز في خدمة هذا الدين وحفظ هذا العلم.
ثم في عصر أتباع التابعين، نجد أن نسوة كان لهن أيضاً من الأثر والتضحية والبذل في سبيل الله الشيء الكثير، فهذه زبيدة بنت جعفر بن المنصور زوجة هارون الرشيد، وهي من أتباع التابعين، حين حجت فرأت أن الحجاج ينقلون المياه على الحمر والإبل من مكة إلى عرفات، وأن كثيراً منهم يعطش، ويلقى عناءً في الحج، رأت أن من واجبها أن تقيم سقاية للحجيج تبقى بعدها، فجلست في مكة ولم تخرج منها حتى أقامت هذا المشروع الضخم، الذي أنفق عليه الملايين من الدنانير، وهذا المشروع ما زال قائماً إلى اليوم مشاهداً، وقد ظل الحجاج أكثر من أحد عشر قرناً وهم يشربون من سقاية زبيدة.