وهنا يعترض بعض المعترضين حين جعل الله تعالى للزوج عند عدم وجود الفرع الوارث النصف وله مع الفرع الوارث الربع، وأنه جعل في ميراث العصبات للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا مختصٌ بهاتين القضيتين فقط من قضايا التركة.
والجواب هنا: أن المال لا يُنظر إليه بهذه النظرة المادية التي تقتضي التهافت عليه، فلا ينظر إلى المال شرعاً على أنه قيمة من قيم الإنسان، ولا أنه عنصر من عناصر التفاضل، أو معيار من معايير التفاضل بين الناس، بل يُنظر إليه على أنه وسيلة من وسائل تحقيق التكاليف فقط، فمن كانت تكاليفه كبيرة ينبغي أن يزداد حظه من المال ليتصرف فيه، ومن كانت تكاليفه صغيرة، لم يحتج إلى هذا المال ولا ينبغي أن يدخره ويحتكره، لأن ذلك يعتبر تعطيلاً لهذا المال عن الحكمة الشرعية التي من أجلها خلق.
ولهذا فإن المرأة لم تكلف بكثير من التكاليف المادية في الشرع، فليست عليها دية، فلا تدي خطأها هي ولا خطأ غيرها، والرجل عليه الدية عن نفسه، وعن المرأة، بل يدي عن أقاربه جميعاً ذكورهم وإناثهم، والمرأة لا تدفع شيئاً من الدية.
والرجل في الزواج هو الملزم بالصداق والنفقة والسكنى والكسوة، ولا يلزم المرأة شيء من ذلك، والرجل هو المكلف ببذل المال على وجه الأصالة في إعلاء كلمة الله تعالى في الجهاد في سبيل الله، ولا يجب ذلك على المرأة، فلما أسقطت عنها هذه التكاليف المادية، جاء حظها من الميراث أيضاً أقل في مقابل التكاليف، ومن هنا يزول هذا الاعتراض بكليةٍ.