ويعجب الإنسان إذا سمع أن مخلوقاً ضعيفاً محتاجاً إلى الله تعالى في كل أحواله، يحاول أن يناد الله ويحاده في ملكه، فيأمر بما يخالف أمر الله، ويسعى لإظهار الباطل وإزهاق الحق بلسانه الذي هو من خلق الله، لا يستطيع أن يتحرك حركة لا يميناً ولا شمالاً، ولا يستطيع أن يلفظ بقول إلا بأمر الله سبحانه وتعالى، وهو مع هذا يحاول أن يفتري على الله كذباً، ويحاول أن يأمر الآخرين بذلك، وقد قال الله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَه * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق:9 - 19].
وعلى عباد الله إذا تعارض أمر الله سبحانه مع أمر غيره أن يقدموا أمر الله؛ لأنه: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، وأن يعلموا أن الله سبحانه وتعالى لديه من الضغوط ما ليس لدى المخلوقين، فالضغوط سببها إما خوف أو طمع، والله سبحانه وتعالى هو الذي لديه ما يخاف منه، ولديه ما يرغب فيه ويطمع، ومن سواه لا يملك ذلك لأحد.
لذلك لابد -يا إخواني- أن نتحرر من القيود ومن الضغوط، وأن نعلم أن المخلوقين ليس لهم أن يأمروا أحداً بخلاف أمر الشارع، وليس لأحد أن يطيعهم في ذلك، ومن فعل فقد عبدهم من دون الله، وقد قال الله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة:31]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:36]، وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5].