كذلك من مميزات دولة الإسلام أنها دولة تقوم على مشروع، فلا يمكن أن تقام بمجرد قرار، ولا بمجرد انقلاب عسكري، ولا بمجرد تغيير خفيف؛ لأنها مشروع حضاري يحتاج إلى الإعداد واتخاذ قوة، يحتاج إلى ذلك في أصل نشأته، ويحتاج إليه بعد ذلك في الحفاظ عليه، كثير من الناس يتصور أن الدولة إنما هي مثل قصر، له حراس وله سجن وله أبواق إعلامية، ويظن أن هذه هي الدولة.
لكن التصور الإسلامي مختلف عن هذا، فالدولة لابد أن تكون قائمة على بُنى ثابتة، وأن يكون لها أهداف واضحة، وأن تكون لها ميزات تخصصها عن غيرها، ومن هنا فلا يمكن أن تقام دولة الإسلام إلا إذا أعد لها الإعداد الكامل في مختلف المجالات، إذا جاءت أجيال مستعدة لتحمل مسئولية هذه الدولة وللدفاع عنها حتى تقوم، ثم بعد ذلك يحافظ عليها بعد أن تقوم لأجل ألا تسقط، ولابد أن يشارك فيها أهل الاختصاصات المختلفة، ولابد أن ترعى مصالح المسلمين في مختلف الميادين، وأن تكون قائمة على فكرة واضحة، وألا تكون مجرد تخبط سياسي يتخبط فيه الساسة، فتارة مع هؤلاء وتارة مع هؤلاء، ينسلخون من هذا التحالف اليوم ليدخلوا في تحالف آخر، ثم ينسلخون من ذلك التحالف إلى تحالف ثالث، فهذا التذبذب غير مقبول في دولة الإسلام، ولابد أن تكون معالم سياستها بارزة واضحة للجميع، ولابد أن يتخذ لها كل الوسائل لقيامها ولاستمرارها بعد ذلك.