Q ذكرتم أن الأنبياء يكونون من أوسط قومهم نسباً، فهل ورد ذكر أنسابهم في الشرع؟
صلى الله عليه وسلم بالنسبة لأنساب الأنبياء، لم تكن العناية بها قويةً في النصوص الشرعية، وإنما نسب بعضهم إلى آبائهم وبعضهم إلى أجدادهم، فإبراهيم سمى الله أباه آزر، وذكر نسبة بعض الأنبياء إلى آبائهم أو أجدادهم، ونسب عيسى إلى أمه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم)، وهذا من أشرف الأنساب، حيث يجتمع فيه أربعة أنبياء في سرد واحد، وهو الذي يمثل به أهل البلاغة لنوع من أنواع البديع يسمى بالاطراد، وهو الذي يقول فيه السيوطي في عقود الجمان: الاطراد ذكرك اسم من علا فأبه فجده على الولا بلا تكلف على وجهٍ جلي مثل عليٍ بن الحسين بن علي فهو مثل هذا الذي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في نسب يوسف عليه السلام، لكنه جاء في بعض الآثار عن الصحابة فرفعوا بعض الأنساب، وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم نسب نفسه إلى عدنان ونسب بعض من سواه، فقد نسب لـ سبأ بن يشجب بن يعرب بن قطحان عشر قبائل في الحديث الذي أخرجه الترمذي في السنن، وكذلك عد نسبه إلى عدنان فقال: (أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان).
وجاء عنه أيضاً أنه قال: (إلى معد بن عدنان)، لكنه نسب معداً أيضاً إلى عدنان.
والمقصود هنا القبيلة والنسبة.
وكذلك قوله لقوم من كندة: (نحن بنو النضر بن كنانة لا نستنسب لغيره).
وقد عرفت خئولات النبي صلى الله عليه وسلم وعموماته، فيذكر له أهل النسب: خمسمائة أُمٍّ معروفة، بعضها ثبت فيها أحاديث، مثل: (أنا ابن العواتك من سليم)، وعواتك سليم: أم وهب بن عبد مناف، وأم هاشم بن عبد مناف بن قصي، وأم عبد مناف بن زهرة، فهؤلاء هن عواتك النبي صلى الله عليه وسلم، وفيهن يقول البدوي رحمه الله: عواتك النبي أم وهب وأم هاشم وأم الندب عبد مناف وذهِ الأخيره عمة عمة الأولى الصغيره وهن بالترتيب ذا لذي الرجال الأوقص بن مرة بن هلال عاتكة بنت الأوقص، وعاتكة بنت مرة، وعاتكة بنت هلال والصغرى: عمتها التي تليها، والأخرى عمة الصغرى، فالصغرى منهن عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال، والتي تليها: عاتكة بنت مرة بن هلال، والكبرى: هي عاتكة بنت هلال مباشرة.
وكذلك في القبائل العشر: يقول البدوي رحمه الله في الأنساب: لسبأ بن بشجب بن يعرب سليل قحطان قريع العرب نسب خير مرسل بيننا عشرة الأزد الاشعرينا وحميراً ومذحجاً وكنده أنمار سادس لهم في العده وقد تيامنوا ومن تشام له غسان لخم وجذام عامله هذه القبائل العشر.
وقد نص بعض الصحابة على نسب النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه، فرفعوه أيضاً إلى إسماعيل، أما كونه من ذرية إسماعيل فهذا لا اختلاف فيه، لكن تسمية الرجال إلى إسماعيل محل خلاف، والراجح والمشتهر بين الناس أن عدنان: ابن أد بن أدد بن الهميسع بن قيدار بن نبت -أو نابت- بن حمل بن إسماعيل بن إبراهيم.
وبعضهم يعكس فيقول: عدنان بن أد بن أدد بن الهميسع بن قيدار بن حمل بن نابت بن إسماعيل، وخلاف قليل هنا؛ لكنهم يتفقون أن إسماعيل هو السابع لـ عدنان.
وعلى هذا فأنساب الأنبياء مثل أنساب الناس يرجع فيها لذوي النسب، وليست هي في حكم الشرع فيرجع فيها إلى النصوص الشرعية وحدها، وأهل الأنساب هم الذين يعتنون بهذا من حيث ضبطه وحفظه.
وكذلك ذكرنا أنهم ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة أُمٍّ، ولم تبق قبيلة من العرب إلا وله فيها أُمٌ، إلا ما كان من بني تغلب وحدها.
وبالنسبة لما ورد عنه أنه قال: (كذب النسَّابون فيما فوق عدنان)، ما أظن أنه يصح، وإن كان مشتهراً أيضاً، وحمله كثير من النسابين على أن المقصود به: أنهم كذبوا في الأسماء حيث لم تكن من لغة كثير منهم، فحرفوا فيها، وأكثر هذه الأسماء محل خلاف في ضبطها، مثل: مهلائيل ومهلال؛ وكذلك لامك ولمك، وفالغ وفالج وعابر وعيبر.
السؤال: هل لفظة (إلياس) موجودة في كلام العرب؟ الجواب: (إلياس) غير موجودة، لكن هذه لغات أخرى، فلذلك كان الخلاف فيها إنما هو فيما يتعلق بالجزم بصيغة الاسم وضبطه؛ لأن أهل كل لغة إذا نطقوا باسم، فإن أهل اللغة الأخرى يحرفون فيه غالباً، لأنه يصعب عليهم النطق به على هيئته الحقيقية.