الشفاعة العظمى هي: الشفاعة في أهل المحشر جميعاً بعد أن يطول بهم الموقف، وهذه الشفاعة صح بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد من الأحاديث، منها قوله: (إن الناس إذا جمعوا في الساهرة يلجمهم العرق إلجاماً، وتدنو الشمس حتى تكون كالميل، ويطول بهم الموقف، فيذهبون إلى العلماء فيقولون: كنا نرجع إليكم في أمورنا في الدنيا، فيقولون: ليس اليوم لنا إنما هو للأنبياء، فيذهبون إلى آدم فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيمينه، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، فاشفع لنا إلى ربنا إما إلى جنة وإما إلى نار، فيقول آدم: نفسي نفسي، ربي! لا أسألك إلا نفسي، إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد عصيت الله وأكلت من الشجرة، ولكن اذهبوا إلى نوح.
فيأتونه فيقولون: يا نوح! أنت أبو البشر بعد آدم فاشفع لنا إلى ربنا إما إلى جنة وإما إلى نار -وفي رواية أنهم يقولون: أنت أول الرسل إلى أهل الأرض- فيقول: نفسي نفسي، ربي! لا أسألك إلا نفسي، إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني سألت الله ما لم يأذن لي به, ولكن اذهبوا إلى إبراهيم.
فيأتونه فيقولون: يا إبراهيم! قد اصطفاك الله لخلته، فاشفع لنا إلى ربنا إما إلى جنة وإما إلى نار، فيقول: نفسي نفسي، ربي! لا أسألك إلا نفسي، إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني كذبت ثلاث كذبات، ولكن اذهبوا إلى موسى.
فيأتونه فيقولون: يا موسى! قد اصطفاك الله برسالاته وبكلامه فاشفع لنا إلى ربنا إما إلى جنة وإما إلى نار، فيقول موسى: نفسي نفسي، ربي! لا أسألك إلا نفسي، إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفساً لم يؤذن لي بقتلها، ولكن اذهبوا إلى عيسى.
فيأتونه فيقولون: يا عيسى! أنت روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم، فاشفع لنا إلى ربنا إما إلى جنة وإما إلى نار، فيقول عيسى: نفسي نفسي، ربي! لا أسألك إلا نفسي، إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني عبدت من دون الله -لا يجد شيئاً يذكره إلا هذا- ولكن اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
فيأتونه فيقولون: يا محمد! أنت خاتم الرسل، فاشفع لنا إلى ربنا إما إلى جنة وإما إلى نار، فيقول محمد صلى الله عليه وسلم: أنا لها، فيخر ساجداً تحت العرش، ويلهمه الله ثناء عليه لم يلهمه أحداً قبله، فيناديه: يا محمد! ارفع رأسك، واشفع تشفع، وسل تعط.
فيشفع للناس، فيخرجون من هول الموقف).
وهذه هي الشفاعة الكبرى التي تشمل آدم ومن دونه، فكل الخلائق يدخلون فيها.