قال الناظم: [ذلك والإيمان كل قد شمل عقداً بقلب مع قول وعمل بنية في سنة وبالعمل زيادة ونقصاً المثل احتمل] قوله: (ذلك)، أي: اعرف ذلك، وهذا يسمى الاقتضاب، فبدأ الكلام على توحيد الله سبحانه وتعالى وهو الركن الأول من أركان الإيمان؛ لأن أركان الإيمان ستة هي: الإيمان بالله.
والإيمان بملائكته.
والإيمان بكتبه.
والإيمان برسله.
والإيمان باليوم الآخر.
والإيمان بالقدر خيره وشره.
وقد سبق الكلام على القدر عرضاً في ذكر صفات الله سبحانه وتعالى، وكل ما سوى ذلك فهو داخل في الإيمان بالله سبحانه وتعالى، فلهذا اقتضب هنا فقال: (ذلك) ومعناه: اعرف ذلك، وهذا مشهور في لسان العرب وهو دليل على بلاغة صاحبه، ويأتي بلفظ (هذا) أو (ذلك) وقد كثر في القرآن، ومنه قول الله تعالى: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد:4]، (ذلك) معناه: اعرف ذلك، أو: اعرفوا ذلك، {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ} [محمد:4].
وقد يكون بلفظ (هذا)؛ لأنه اسم إشارة معناه: اعرف هذا، وإذا قلت: (ذلك) فهو اسم إشارة للبعيد، معناه: اعرف ما سبق المشرف التعظيم؛ لأن اللام بعد (ذا) تأتي للبعد إذا كانت مع الكاف، وهذا البعد المقصود به التعظيم، وإذا كان بلفظ (هذا) بالإشارة للقرب فالمقصود به: هذا الذي سبق، وهذا هو الذي يعنينا هنا، ومنه قول أبي الطيب المتنبي: هذا وإن مقام القول ذا سعة فإن وجدت لساناً قائلاً فقل