إن المؤمن ينبغي أن يتذكر قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون:8]، ولا يمكن أن يطلب العزة لدى اليهود الأذلاء الذين كتب الله عليهم الذلة والمسكنة، وكذلك النصارى الضالين الذين لا علم لهم، كيف يطلب منهم العلم وقد شهد الله عليهم بذلك في كتابه، بل إن من ضل من علماءنا كان كاليهود، وجهالنا من ضل منهم كان كالنصارى، فاليهود هم المغضوب عليهم، والنصارى هم الضالون، فاليهود أضلهم الله على علمٍ، والنصارى ضلوا عن جهل، إن قوماً شهد الله عليهم بالجهل لا يمكن أن يطلب منهم العلم.
والذي يقول نحن نصلح التعليم لنحتذي بالنصارى ونريد منهم العلم، أول ردٍ عليه أن يقال: النصارى ليس لديهم علم، وقد حكم الله عليهم بذلك، وشهد عليهم به في كتابه، فكيف تطلب العلم من غير موضعه؟ إن هذا انتكاس في المفاهيم، وعدم وعي وإدراك للواقع، وهو من كيد هؤلاء الكائدين الماكرين، فيجب على الأمة أن تنتبه له، وأن لا تقبله بحال من الأحوال، ويجب على المسلمين أن يتعلموا لغة القرآن، وأن يهتموا بها وأن يعلموا أولادهم هذه اللغة، وأن يحافظوا عليها، وأن يعلموا أن المدارس النظامية التي هي من وضع الغربيين، لا يمكن أن تخرج العلماء، مادامت من وضع الغربيين.
هل رأيتم عالماً قط خريج جامعة لم يدرس في غيرها؟! لا يمكن أن يتم هذا، فلذلك لابد أن يعتني الناس بتعليم اللغة العربية، وأن يدرسوا أولادهم هذه اللغة، وقد أدركنا أسلافنا قبل سنوات، في بداية هذا الجفاف والناس ما زالوا يدرسون أولادهم ديوان الستة الجاهليين، والمعلقات السبع، وكان كل ناشئٍ بلغ عشرين سنة وهو لا يحفظ ألفية ابن مالك يعتبر ذلك سُبةً عليه، ومهانةً ومذلة بين الناس، واليوم شُغل الناس عن ذلك فأصبحت ترى الذين يراد منهم أن يكونوا قادة الأمة في المستقبل وحراس الدين، وهم لا يهتمون بشيء من هذا، ولا تعلق لهم بهذه اللغة ولا يعرفون شيئاً عنها، وهم بهذا يخادعون أنفسهم ويهملون ما فُرض عليهم، ونحن نعلم أن المكانة العالية التي تبوأها علماؤنا وقادتنا وخلفاؤنا عبر التاريخ إنما كانت في الأساس بهذا العلم.