ومثل هذا في المجال الاقتصادي ومثله في المجال السياسي في فرض الديمقراطية وفرض الكلام في حقوق الإنسان وغيرها، فهذه إنما هي على مكيال الغرب، فالديمقراطية إذا أدّت إلى وصول الفاسدين المرضين للغرب فهي ديمقراطية صحيحة شفافة مقبولة، وإذا أدّت إلى خلاف ذلك فهي منبوذة، ومعناها أن الشعب لم يصل إلى الوعي الكافي، ولابد من انقلاب عسكري يغير ذلك.
وكذلك في حقوق الإنسان في فلسطين، فإن المقصود بالإنسان فيها هو اليهودي فقط.
وحقوق الإنسان في كل بلد من البلدان التي فيها أقليات غير مسلمة، المقصود بها الإنسان غير المسلم فقط، فحقوق الإنسان في مصر يقصد بها حقوق الأقباط فقط، حقوق الإنسان في السودان يقصد بها حقوق الجنوبيين فقط، وهكذا فهذه الدعايات البراقة الخلابة التي يخدع بها الناس لها مفاهيم عند الغربيين، وإن الشعوب غير واعيةٍ لهذه الدلالات، وغير واعيةٍ لهذه المصطلحات المقصودة، ومن هنا ينخدعون بهذه الدعايات وتؤثر فيهم.
إن المؤتمرات التي تقام لترسيخ (الفرانكفونية) والإنفاق الكبير الذي يبذل فيها، لم يأت من فضاء، ولم يقصد به مجرد التقاءٍ أو تحاورٍ بين الشمال والجنوب كما يسمون ذلك الحوار، وإنما يقصد بها التحاور بين الجانب القوي والجانب الضعيف، وهذا الحوار بين جانبين أحدهما قويٌ (100%) والآخر ضعيف (100%)، ولن يكون فيه عدل أبداً بل سيكون الجانب الضعيف هو المهضوم وهو المهزوم، وهو الذي تفرض عليه قيم الجانب الآخر، ومن هنا فإذا لم يعم الوعي في الشعوب الإسلامية، فستأتي هذه الخطوات متسارعة.
وقد شاهدنا في السنوات الأخيرة تسارعها، فعندما أصبح القطب العالمي واحداً، وأصبح النظام العالمي الجديد ليس له من يقف في وجهه، أصبحت هذه الخطوات سريعةً جداً، فيأتيك قرار بفرض الديمقراطية من غير مطالبة، ثم يأتيك قرار آخر بتغيير التعليم، ثم يأتيك قرار آخر بتغيير القيم، ثم يأتيك قرار آخر بترسيخ الربا، ثم يأتيك قرار آخر قاضٍ على الصناعات والإنتاج كمنظمة (الجات) وغيرها، وهكذا تتسارع الخطوات في ظل غياب الوعي في الشعوب.