علم التوحيد في عصر الصحابة

بالنسبة لتاريخ هذا العلم ونشأته وتطوره، أقول: إن الصحابة رضوان الله عليهم جاءهم هذا الوحي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة، فأخذوا ذلك بتربيتهم؛ لأن المقصود بالعلم -كما ذكرنا- هو التوصيل إلى حصول الإيمان وخشية الله، وهم حصلوا على ذلك بتربية الرسول صلى الله عليه وسلم لهم.

فكثير منهم لم يكن من العلماء الكبار، ولم يستوعب كثيراً من المسائل العلمية، لكن مقصود العلم حصل لهم، وهو تحصيل خشية الله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28]، وقد حصل أقل الصحابة مستوى في العلم على مستوىً من الخشية أكبر من مستوى من وراءهم من العلماء بتربية الرسول صلى الله عليه وسلم له.

فإذاً حصلوا على فائدة العلم، وتجاوزوا كثيراً من المراحل، وقطعوا كثيراً من المسافات في فترة وجيزة، فقد مكث عتاب بن أسيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة عشر يوماً فقط، وهو في الرابعة عشرة من عمره.

كم مكث معه ابن عباس؟ كم مكث معه أسامة بن زيد؟ كم مكثت معه عائشة؟ سنوات محصورة يقطعون فيها مراحل عجيبة لا تقطع إلا في الأعمار الطويلة جداً.

مالك بن الحويرث كم مكث معه هو وأصحابه؟ فترة وجيزة جداً قطعوا خلالها مراحل عجيبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015