وكذلك فإنهم كانوا يتبركون بمس جسده صلى الله عليه وسلم كما فعل سواد بن غزية رضي الله عنه، فإنه: (كان في الصف في حال المعركة، فتقدم قليلاً، فغمزه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحجن كان في يده، وكان أمام الصف يسوي الصفوف، فقال: أوجعتني يا رسول الله فأقدني -أعطني القود- فكشف له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن خصره، فالتزمه، فقيل له في ذلك فقال: إني الآن مقبل على الموت، فأردت أن يكون آخر عهدي بالدنيا أن أمس جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وكذلك بمسح يده، فإنه صلى الله عليه وسلم حين سالت عين قتادة إذ رماه المشركون بسهم فأصاب عينه، فوقعت على خده، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت أحدَّ عينيه.
وكذلك فإنه مسح على عاتق معاذ بن عمرو بن الجموح حين ضربه عكرمة بن أبي جهل بالسيف، فعاد عاتقه إلى مكانه والتأم.
ومثل هذا مسحه على صبي أقرع من ولدان الأنصار، فنبت شعره ولم يشب بعد ذلك.
فهذا من بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك التبرك ببعض ما بقي من شعره وأظافره بعد موته، ففي صحيح البخاري: أن أم سلمة رضي الله عنها كان لها جلجل من فضة فيه شعرات من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الناس إذا مرض مريض أرسل إليها بقدح من ماء فخضت فيه الجلجل فيشربه فيبرأ.
وكذلك كان لـ معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه شعرات من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض أظافره، فأمر أن تجعل داخل عينيه في حنوطه يتقي النار بها، ولا يقصد اتقاء النار الأخروية بذلك، إنما يقصد اتقاءها بمحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي التي تتقى بها النار، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم يتقى بها الضرر الدنيوي والبرزخي ونحو ذلك.
وكذلك كان لـ خالد بن الوليد شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فكان يجعلها في مغفره؛ يتقي بها السيوف.