ومن أصول الإيمان: الإيمان بالكتب المنزلة: والعقل تغذيته بالثقافة والعلم، وأهم العلم ما ينزله الله على عباده من الوحي؛ لأن العلم كله من عند الله وهو قسمان: علم وحي، وعلم إلهام.
فعلم الوحي شرفه الله بأن لم يدع فيه مجالاً للاختلافات، وإنما أنزله منضبطاً، وحفظه حتى أوصله إلينا، وجعل حظوظنا فيه متفاوتة بحسب أفهامنا، فمنا من يفهم منه الكثير، ومنا من يفهم القليل، وأما الإلهام فإن الله سبحانه وتعالى جعله قابلاً للاختلاف؛ لأن مجالات العقل مختلفة، يفتح الله على هذا في مجال معين، ويفتح على هذا ما يكمل به ذلك، ويفتح لهذا حتى منتصف الطريق ثم يكمل من سواه، ومن هنا تتشعب الإلهامات، لكن الجميع من عند الله ما كان منه وحياً وما كان إلهاماً، العلم كله لله، والبشر ما لهم شيء من العلم: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:85]، وقوله: (أوتيتم): يعني أنه ليس من تلقاء أنفسكم، إنما هو هبة من عند الله يمنحها لمن يشاء.
الإيمان بالكتب المنزلة يقتضي من الإنسان أن ينخل هذه العلوم لمعرفة ما هو مفيد منها وما ليس كذلك، وما هو غير قابل للنقاش من العلوم، وهو الثوابت التي نزلت بالوحي، وما هو راجع إلى الضوابط والخطوط العريضة التي بينت لنا في الوحي، إذاً: هذا الإيمان بالكتب المنزلة.