هذا شروع في ذكر توحيد الربوبية، وهو على التقسيم الذي ذكرناه يُعَدُّ القسم الثالث من أقسام التوحيد، والمقصود به: إثبات الربوبية لله تعالى ونفيها عن كل ما عداه.
والربوبية: مصدر صناعي من رَبَّ الشيء يَرُبُّهُ إذا كان مهيمناً عليه مسيطراً.
والعرب تشتق من هذه المادة أربعة أفعال، فيقال: رَبَّهُ يَرُبُّهُ إذا استولى عليه، ومنه قول صفوان بن أمية يوم حنين: فلأن يربّني رجل من قريش خير من أن يربّني رجل من هوازن.
ويقال: رباهُ يربِّيه لنفس المعنى؛ لكنها تشير إلى إيصاله إلى كماله بالتدريج شيئاً فشيئاً، ومنه قول الشاعر: وربيته حتى إذا تم واستوى كمخة ساق أو كمتن إمام قرنت بحقويه ثلاثاً فلم يزغ عن القصد حتى بصرت بدمام ويقال: رببه يرببه لنفس المعنى أيضاً، ومنه قول أمية بن أبي الصلت: بيضاً مرازبة غلباً أساورة أسداً ترببن في الغيضات أشبالاً ويقال: ربته يربته.
بإبدال إحدى الباءين تاءً مثناة، وهو الفعل الرابع، ومنه قول الشاعر: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بجمهور حزوى حيث ربتني أهلي بلاد بها نيطت عليَّ تمائمي ومزقن عني حين تم بها عقلي (حيث ربتني أهلي) بمعنى: رباني أهلي.