تقدم ذكر فريق الأعداء، والآن نذكر فريق العاقين من الأبناء؛ الذين هم -للأسف- كما قيل: أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني وغالب هؤلاء تربوا في أحضان الغرب، أو تأثروا تأثراً انهزامياً بحضارة الغرب وفكر الغرب، وانسلخوا ضمنياً في واقع حياتهم بشكل ظاهر عن الإسلام، وانسلخوا في واقع أفكارهم بشكل متستر عن واقع هذا الدين، فلذلك نجدهم يكررون نفس الصيحات، ولكن -للأسف- بشكل أعمق.
وهم أكثر خطراً بالنسبة للمسلمين، مما يسبب الحزن والأسى بشكل أكبر؛ وذلك ناشئ لأنهم يتكلمون بألسنتنا، وهم من جلدتنا، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وكما قال الشاعر: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند هؤلاء كانوا في وقت مضى يسيرون مع التيار الغالب الذي كان يغطي على حقائق الإسلام، والذي كان يحكم بقوته وغلبته على عقول وقلوب الناس في أوائل هذا القرن الذي شهد انبهار المسلمين بالغرب والذي شهد الانكسار العسكري للمسلمين في ظل الاستعمار الأوروبي أو الغربي، والذي شهد في ذات الوقت الضعف العلمي في الحياة الثقافية العلمية الإسلامية.
وفي ذلك الوقت كان هؤلاء القوم يعلنون عداءهم السافر للإسلام، ولا يجدون غضاضة في ذلك.
وأيضاً: كانوا يشكلون بصورة عملية: التوافق المباشر والتطابق الضمني بل والمشاركة العملية في تغييب الإسلام عن واقع المسلمين وعن واقع المجتمع المسلم.
وهم يعلنون هذا الأمر بصورة -وللأسف- أشد قبحاً، وأكثر بعداً عن الحق، وأكثر جرأة على الحق من الكفرة ومن الأعداء الحقيقيين.