وأنتقل إلى صورة ثالثة لنرى فيها المفارقات، ونرى صوراً من الإيجابيات وكيف تواجه بالمخالفات والمعارضات، ففي صيفنا دائماً تجد المخيمات الدعوية، وهي مع تطورها أصبحت تشتمل على برامج متنوعة، لا تكتفي بالمحاضرات ولا تقتصر على الندوات، ولا تطعم برامجها بالأمسيات الشعرية فحسب، بل تزيد إلى ذلك فقرات ترفيهية وأنشطة رياضية ومسابقات ثقافية، وتشتمل على برامج للرجال وأخرى للنساء، وثالثة للأطفال والأبناء ويشهد لنجاحها وتنوعها وتأثيرها وإيجابيتها أمور كثيرة، منها كثرة الإقبال عليها، وقد جاء في إحصائية المخيم الدعوي الذي كان يعقد في المطار القديم أنه بلغ عدد الذين زاروه خلال أسابيعه الخمسة ثمانمائة ألف إنسان رجالاً ونساءً.
وهذا شيء يشرح الصدر ويدل على الخير والإقبال عليه، ويدل على أن هذه البرامج كان فيها من التشويق والتنوع والإفادة ما جعل هؤلاء يقبلون عليها.
وثانياً: وهي شهادة قررها محافظ هذه المحافظة ومدير شرطتها والمسئولون فيها في دور هذه المخيمات في مكافحة المخدرات وإقلاع الشباب عنها، فبسبب البرنامج الشهير الذي كان يجذب هؤلاء الشباب الذين ربما لا يأتون إلى المساجد في المحاضرات ولا تعجبهم بعض تلك البرامج التي يصفونها بأنها متشددة أو منغلقة، جاءوا بالآلاف وأقلعوا أمام الناس وعلى مرأى منهم ومع الكاميرات التي صورتهم؛ أقلعوا عن التدخين، وأقلعوا عن استخدام الحبوب المخدرة، ورأى ذلك المسئولون في الأمن وأشادوا به وعرفوا به.
وصورة ثالثة أيضاً: وهي ما يتعلق بالإيجابيات التي تدفع إلى سلوكيات أخرى، فثمة مسابقات في البحوث، ومسابقات في الأسئلة والأجوبة تدفع أبناءنا في هذه الأوقات إلى أن يقرءوا وأن يطلعوا.
والقراءة قد دفنت فلا نكاد نجد من شبابنا قارئاً يحسن قراءة نص من النصوص أو يحفظه، أو يقرأ التاريخ أو غير ذلك.
هذه جوانب أخرى غير الجوانب الأساسية في هذه البرامج، فكم في هذا من خير وكم في هؤلاء الثمانمائة ألف -وهم في برنامج واحد ومخيم واحد- من انتفعوا بكلمة بارك الله فيها، وعرفوا حكماً كانوا جاهلين به، ومنهم من تحمسوا إلى عمل وبذل كانوا معرضين عنه، ومنهم من أقلعوا عن إثم ومحرم كانوا مرتكبين له.