ثم أمضي كذلك لذكر فضل وأجر الإنفاق في سبيل الله، قال عز وجل: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:261]، وذلك ليس مختصاً برمضان، لكن رمضان فيه مزيد من فضل الله عز وجل، كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان ينزلان فيقولان: اللهم أعط منفقاً خلفاً، وأعط ممسكاً تلفاً)، فهل نحن نتعرض لهذا الدعاء الملائكي بأن ننفق في كل يوم ولو قليلاً؟ وهل نحرص على أن نقوم بهذه الأعمال الخيرة ونفزع إليها، ونرتبط بها، ونحرص على أن يبقى لنا منها الحظ الأدنى في غير هذا الشهر، فعلينا أن نتفكر في حقيقة دنيانا وفي حقيقة الأرباح والخسائر، وفيما ينبغي أن نحرص عليه في يومنا وليلتنا، وفي كل أيامنا وفي سائر أعمالنا، وذلك ما ينبغي أن نتواصى به.
إننا حين نوصي الناس في رمضان بالإقبال على الخير وبالاستكثار من الصالحات، فإن الأمر في هذا هين؛ فالشياطين مصفدة، والناس على الخير مقبلة، وموسم الرحمة عام، لكننا نقول ونحن في هذا الشهر الكريم والموسم العظيم، واللحظات التي تسعد فيها القلوب، وتأنس فيها النفوس، وتشف فيها الأرواح، وتسمو فيها الهمم، وتعلو فتقوى فيها العزائم؛ نقول: انتبهوا لما بعد رمضان؛ لأننا ننتبه إلى أمر ونترك أموراً، ونحن في حقيقة أمرنا إذا فرطنا وقصرنا لم نفقه عظمة ربنا، ولم نفقه معنى العبادة، ولم نتذوق روح هذه الطاعات والعبادات في نفوسنا وقلوبنا وأرواحنا.
أسأل الله عز وجل أن يردنا إليه مرداً جميلاً، وأن يجعلنا من عباده الطائعين المخلصين المقبلين عليه في كل أوقات العام، ونسأله عز وجل أن يوفقنا في هذا الشهر لحسن الصيام والقيام والإنفاق وصالح الأعمال، وأن يزيدنا فيه من الخير والبر والإحسان؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.