ونحن ننظر إلى المواجهة غير المتكافئة فماذا نرى؟ يأتينا كثير من الناس ليرينا الجانب المظلم، ويقول: كم قتل من أبناء فلسطين! وكم هدمت من بيوتهم! وكأنه يمكن للناس أن يأخذوا حقوقهم من غاصبيها، وأن يستعيدوا كرامتهم من مهينيها دون أن يدفعوا ضريبة، ولكن يكفيهم أن يجلسوا على الطاولات، وأن يعقدوا المؤتمرات، وأن يأكلوا أشهى الوجبات، ثم يصدروا البيانات، وفي آخر الأمر يحققون الانتصارات.
فمن من المغفلين يصدق أن هذا يمكن أن يقع في واقع الحياة؟ وكيف استطاع أولئك الشذاذ المجرمون المغتصبون لهذه الأرض أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه؟ لقد بذلوا أموالهم، وسفكوا في أول الأمر دماءهم، وتعاظمت معهم المعونة من قبل أوليائهم وحلفائهم، ولابد أن نوقن بأنه لا يمكن أن يكون تغيير ذلك بغير ذلك.
لكننا ننظر إلى الجانب الآخر، إلى جانب العدو الذي تكبد خسائر لم يتكبد مثلها في الحروب التي خاضها كلها مع جيوش ودول كاملة ومنظمة، يكفينا أن نشير إلى بعض الإحصاءات المذكورة خلال هذه الفترة القصيرة، لقد وقعت ثلاث عشرة ألف وخمسمائة عملية جهادية منوعة، أوقعت في اليهود ألفاً وسبعة عشر قتيلاً وأكثر من خمسة آلاف جريح، وأوقعت فيهم بعد ذلك ما هو أفظع وأنكى وأشد.
إنه ما أشارت إليه الآية: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} [الحشر:2]، إنهم يعيشون خوفاً دائماً وهلعاً فضيعاً أقض مضاجعهم، وأذهب نومهم، وملأ العيادات النفسية بالمراجعين منهم.