قد يأتيك السائل فيكفيه منك بسط الوجه والكلمة الطيبة ولو لم تعطه شيئاً، وقد يقبل سائل على من يعطيه شيئاً كثيراً ولكنه مقطب الجبين وليس على لسانه كلام حسن، فهذا لا يمكن أن يكون له تأثير في النفوس ولا استمالة في القلوب.
وإنما يستعبد الناس الإحسان، كما قال الشاعر: أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان فلابد من سماحة وطلاقة وجه، وحسبنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا إلى مفتاح القلوب، وإلى السلاح الذي يكسر الحواجز والأبواب حول النفوس التي غلفتها الأهواء عندما قال: (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، فما أحسن ذلك الرجل الذي تلقاه فتلقى ابتسامته تشرق كأنها شمس النهار، فيدخل السرور على قلبك، ويبدد ما علاك من الهموم، ويمسح عنك ما قد خالطك من الأحزان والأرزاء، ولا شك أن الداعية يلقى عناء كثيراً ومشكلات ومواعيد وكذا فيتبرم ويضيق، لكنه يكظم غيظه، ولا يبدي للناس إلا السماحة والكرم، فإذا جاءه الناس كان بيته مفتوحاً، وإذا أتاه السائلون كان ماله مبذولاً، وإذا استشاره المستشيرون كان نصحه جاهزاً ومبذولاً، فلابد من أن يكون على هذا النحو؛ لأنه إن كان كذلك استمال القلوب وارتبط الناس به.