إن مجرد البسمة والكلمة الطيبة لا تغير في الواقع شيئاً، إن الفقير المعدم لا يكفيه أن تسرد له الأقوال والنصوص في الصبر والاحتساب للأجر عند الله عز وجل، سيما عامة الناس وعموم المجتمعات لا يمكن أن تخاطب بمثل هذا، إن الذي يجد ألم الجوع في بطنه يحتاج إلى اللقمة في فمه، وإن الذي يجد أثر الإرهاب والخوف على نفسه وحياته يحتاج إلى من يؤمنه، وإن الذي يشكو ويتلوى من المرض يحتاج إلى من يعالجه، فمن يتقدم؟ إنه هو الذي يكسب القلوب.
ونحن نعلم أن أعداء الله عز وجل من النصارى واليهود وغيرهم قد دخلوا إلى كثير من ديار المسلمين عبر هذه الأبواب الثلاثة: باب الجهل، والفقر، والمرض، واستغلوا حاجة الناس فقدموا لهم الخدمات، وقدموا لهم معها الدعوات.
ونقول: إن الدعاة أولى الناس بهذا من الأعداء، هذا إذا أرادوا أن يستوعبوا وأن يؤثروا.
إذاً على الدعاة أن يكونوا أصحاب النجدات والتضحيات والمروءات، والمسابقة إلى تقديم الخدمات في كل المجالات، ولذلك لو نظرنا إلى بعض آثار هذا الإقبال على الدعوة والخير والإسلام سنجد أن من أسبابه أن الدعوة والدعاة وأن أهل الخير والصلاح وجد الناس -عندما خافوا- بعض أمنهم في هؤلاء الدعاة، ووجد الفقراء -عندما احتاجوا- سد حاجتهم في أموال الدعاة، ووجد الناس عندما مرضوا نجدتهم وإعانتهم من أرباب الصلاح والخير والدعوة والرشاد، ولذلك توجه الناس -بحمد الله عز وجل- توجهاً طيباً نحو الخير بإذنه سبحانه وتعالى وتوفيقه.