الجانب الرابع -وهو من أخطرها وأكثرها تأثيراً في الشباب الذين يتهورون- الإحباط في مشاعرهم، وذلك من نواح عدة: أولى هذه النواحي: تسلط الأعداء وهيمنتهم على أحوال وأوضاع وبلاد الأمة الإسلامية، في عجز فاضح، وتخاذل واضح، وسلبية مؤلمة ومحزنة، فيرى الشباب المتحمس ذلك فتغلبه عاطفته، وتتقد حماسته، وربما عند غياب ما سبق تضيع الرؤية، ويطيش العقل، وينعدم الرأي السديد المبني على العلم الصحيح، وهذا نحن نعرف واقعه، ونعرف كم هي بلاد الإسلام التي احتلها الأعداء وتسلطوا عليها، ليس لسنة ولا لسنتين، ولا لعقد ولا عقدين، بل أكثر من ذلك، ولعل فترات الزمن الأخيرة كان فيها كثير مما يعد هزائم وتراجعات للمسلمين على مستويات عدة، بل على المستويات الحضارية والعلمية، ومن تتقد نفسه غيرة وحمية لابد من أن يكون لهذا أثره عليه، فإذا زاد حجم هذه القوة وحجم هذا العدوان وحجم هذه العزائم أصبحت أكبر من أن تحتملها نفسه، فيخرج إلى غير حد الاعتدال وإلى التصرف بغير اتزان، وهذا أمره أيضاً واضح.
الناحية الثانية: كثرة الانحراف والخلل والتجاوز في مجتمعات المسلمين نفسها في حدود الله عز وجل، فنحن نعرف كم في بلاد المسلمين من هذه التجاوزات، وكم في بلاد المسلمين من إقرار المنكرات والقيام بها وإعلانها وتبنيها، وكم فيها مما هو مخالف لشرع الله، ويمنع شرع الله، ويبيح ما يخالف شرع الله.
وهذه قضية لا شك أن كل ذي غيرة وإيمان يضيق صدره بها، وتغلي نفسه، ويشتعل قلبه حزناً وألماً، لكن عندما تفقد دعوة هذه الصور يكون أيضاً ما ذكرناه.
الناحية الثالثة: سوء المعاملة، والظلم في التعامل مع هؤلاء الشباب، سواء أكان ذلك في بيئة التعليم من أساتذتهم أم ممن قد يكون في موقع التربية، فإنهم قد لا يجدون منهم إلا تخطئتهم واتهامهم بالنزق والطيش ونحو ذلك، أو حتى في الدائرة الأسرية وعجز الآباء عن تفهم ما قد يكون عند الشباب من عواطف فيها أخطاء لكنها تحتاج إلى توجيه، وربما كذلك أحياناً في المعالجات والمعاملات الأمنية على مستوى الدول، فكثيراً ما كانت هذه المعالجات بذوراً لتلك الانحرافات بشكل أو بآخر، ونحن في عصر تتجدد أحداثه وتتفاقم بشكل كبير، وهذه قضية مهمة.