الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أرحم الراحمين! أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن هذا الموقف العظيم على صعيد عرفات ينبغي أن يهز القلوب هزاً، وأن يستجيش المشاعر الإيمانية التي تتضرع إلى الله عز وجل، وتتذكر التفريط في جنبه، وتعلن التوبة لله عز وجل.
ففي هذا الموقف دروس عظيمة فإنه في موقف عرفات إعلان للوحدة، وبيان لحقيقة الدنيا، وإعلان للتوبة، ورفع للدعاء إلى الله عز وجل، وبيان لوحدة المقاصد والغايات، وهذه كلها معان عظيمة ينبغي أن تتذكرها الأمة سيما الأوبة والإنابة لله عز وجل، والإعلان الصادق بالارتباط بالله، والسعي نحو رضاه، وأن الآخرة هي المبتغى والمقصد: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص:77] فادعوا الله عز وجل، وأكثروا في هذا اليوم العظيم من الدعاء وأنتم صائمون متقون من فضل الله عز وجل، وقد جعل الله لكم ما يعوض تخلف من يتخلف عن الحج من أمر الصيام المكفر للذنوب والخطايا، ومن أمر الأضاحي التي تقدم لله عز وجل وما فيها من الأجر والثواب، فمدوا أيدي الضراعة وتكلموا بلسانها لله عز وجل: مددت يدي نحوك يا إلهي! وإني في حماك لمستجير غني أنت عن مثلي وإني إلى رحماك يا ربي فقير إلهي ما أقول إذا دعاني؟ لحين حسابي اليوم العسير فهل أوتى كتابي في يميني أو العقبى عذاب مستطير فحاسبني بجودك لا بفعلي فأنت بما أتى مثلي بصير