ونحن في اختبار كبير في الانتصار على الضعف، وقهر العجز الذي يشيع في أجواء كثيرة لأمتنا، ومع ذلك أيها الإخوة الأحبة! نحن نعلم جميعاً في الاختبارات كلها أنه مهما وجد راسبون، ففيها ناجحون متفوقون، وأوائل مبرزون، وهم الذين يتصدرون تلك الصحف فيما تكتبه عن أسمائهم، وما تذكره من جهودهم، وما تسطره من مآثرهم، وما تبرزه من نتائجهم.
ونحن في هذه القضية رأينا الأوائل والسابقين، ورأينا المتفوقين والمتقدمين من الأبطال المقاومين الثابتين على الحق، الرافعين لراية الإسلام الذين عرفوا كل الدروس وراجعوها، وعرفوا الإخفاقات في تلك الهزائم المتوالية، وعرفوا تلك الحيل في تلك المفاوضات المتوالية، فكان بطل واحد منهم يتعرض لجريمة في محاولة اغتياله فتسمع الدنيا كلها به، وتتحدث عنه، وقلت في نفسي وحدثت غيري: من هذا الرجل؟ هل هو رئيس دولة حتى يأتي في صدر كل نشرات الأخبار بشرق الدنيا وغربها؟ هل هو صاحب ثقل سياسي أو وزن اقتصادي؟ ماذا يملك؟ وما قيمته؟ ولمَ كل هذه الأهمية؟ حتى يعرف التافهون والرخيصون كيف تكون القيمة؛ إن قيمته كانت بوقوفه شامخاً، ورفع رأسه عالياً يوم جثا الناس على الركب، وطأطئوا الرءوس إلى الأرض، إن قيمته في استمساكه واعتصامه بما لا يزول ولا يحول ولا يتبدل ولا يتغير من عقائد الإيمان والإسلام في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، إن قيمته وعلوه وسموه كان في أنه استطاع هو وغيره من أصحابه أن يقولوا للإجابة الخاطئة في الاختبار الصعب: لا! يوم قال آخرون: نعم، وأخذوا تصحيحات من المدرسين غير المؤهلين؛ لينجحوا نجاحاً كاذباً، وليرسبوا في حقيقة الأمر رسوباً مريعاً.