تؤخذ الجزية من كل حالم بالغ صحيح معافى ذكر حر، فلا تؤخذ من النساء، ولا من الصبيان، ولا من الشيوخ الكبار، فكل هؤلاء تسقط عنهم الجزية في الإسلام.
وكانت الجزية يفرضها الفرس على من كان بالعراق قبلهم عندما غلبوهم، وفرضوها على الصغير والكبير والغني والفقير والذكر والأنثى على السواء، وأجحفوا عليهم في ذلك، فلما وجدوا هذا التخفيف في الإسلام بادروا إليها، وكانوا يجمعونها ويقدمونها للمسلمين.
ومن دفع الجزية في شبابه وغناه وكسبه وقوته، ثم تقدمت به السن وعجز عن العمل ولم يستطع أن يدفع الجزية سقطت عنه، وجاء ذلك عن كل من عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وخالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه.
فعن عمر أنه رأى رجلاً شيخاً كبيراً يتكفف ويسأل الناس، فقال: (ما شأنك يا رجل؟! قال: أنا رجل من أهل الجزية عجزت عنها، فأنا أتكفف الناس لأجمعها، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: والله ما أنصفناك إن أكلنا شبابك وأفنيناك، ثم أضعنا كبرك وشيخوختك)، وأسقط عنه الجزية، وفرض له رزقاً من بيت مال المسلمين.
وذكر أبو يوسف في كتاب الخراج أن خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه رأى رجلاً كبيراً ومعه أولاده، وهو يتكفف الناس ويسألهم، فقال: (ما بالك يا رجل؟! قال: أنا من أهل الجزية وعجزت عنها، فأنا أسأل الناس لأقدمها، فقال كلمة عمر: والله! ما أنصفناك)، وأسقط عنه الجزية، وفرض له من بيت مال المسلمين ما يكفيه ويكفي أولاده، لأنه كان معه عياله، ففرض له ولعياله من بيت مال المسلمين ما يكفيهم.
فالذين تفرض عليهم الجزية من أهل الكتاب هم: الأحرار الذكور البالغون أصحاب الثراء.