أيها الإخوة: ينبغي لنا أن ندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة, ولا نغتاب الناس إذا جلسنا في المجالس, وإذا قيل للبعض: هل نصحتهم؟ قال: لا.
ما نصحتهم.
لماذا يا أخي؟ أما علمت أن الجار سوف يتعلق بجاره يوم القيامة ويقول: يا رب ظلمني، لقد رآني على منكر ولم ينهني، ولم يأمرني بالمعروف فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وإذا كان الجار سوف يتعلق بك؛ فما بالك إذا تعلق بك الأولاد والزوجة ومن تحت يدك في البيوت، وأنت تخرج تصلي الفجر وهم في فرشهم نائمون, ما هو الخلاص يا عبد الله؟ {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88 - 89].
فعلينا -أيها الإخوة- أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونسلك طرق السلف الصالح , ونصدع بالحق ولا نخاف في الله لومة لائم, وليكن هذا باللين والحكمة والموعظة الحسنة, ونعتصم بحبل الله جميعاً ولا نتفرق, كما قال سبحانه وتعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103].
وكونوا عباد الله إخواناً قبل أن يحلَّ بكم ما حل بمن قبلكم فإن ما نسمعه من الحوادث والزلازل والفيضانات والمجاعات وغيرها كلها موعظة لنا يا عباد الله, لعلنا أن نتعظ ونرجع إلى الله سبحانه وتعالى, قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:41].
فعلينا أيها الإخوة! أن نسلك سبيل الذين اتقوا الله عز وجل, ووالله ثم والله لا يضرنا ذلك, ولا ينقص من أعمالنا ولا من أموالنا شيئاً, بل يزيدنا شرفاً عند الله سبحانه وتعالى, قبل أن تضرب قلوب بعضكم على بعض, قبل أن تصيبكم فتنة {لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال:25] لأن العذاب إذا نزل عم الصالح والطالح.
يقول الله عز وجل في قومٍ تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:78 - 79].
أمة الإسلام: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمن أعظم الشعائر الإسلامية, وأقوى الأسس التي يقوم عليها بناء المجتمعات النزيهة الراقية, فإذا لم يكن أمرٌ ولا نهي، أو كان ولكن كالمعدوم؛ فعلى الأخلاق والمثل العليا السلام, وإذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيومئذٍ ويلٌ للفضيلة من الرذيلة.
أمة الإسلام! تداركوا الأمر قبل أن يفوت الأوان, وتعضوا على البنان، فقد حثكم نبيكم صلى الله عليه وسلم على تغيير المنكر.
فالله الله في الحكمة والموعظة الحسنة, والله الله في الرفق يا عباد الله واعلموا أن مراتب التغيير ثلاث كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: {من رأى منكم منكراًَ فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان}.
وإليكم هذا الخبر الذي ينبئ بوخامة عاقبة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تقول عائشة رضي الله عنها: {دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حفزه الناس، فعرفت في وجهه أن قد حفزه شيء, فما تكلم حتى توضأ وخرج، فلصقت بالحجرة، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه, ثم قال: أيها الناس! إن الله عز وجل يقول لكم: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيبكم, وتستنصروني فلا أنصركم, وتسألوني فلا أعطيكم} ألا نفكر لماذا انتزعت البركات؟ ولماذا نستغيث ولا يستجاب لنا؟ لكثرة المنكرات, لقد انتشرت المنكرات بين الناس, فنسأل الله عز وجل أن يردنا إليه رداً جميلاً.