أيها الإخوة: إن المنكرات كثيرة، ولكن مع وجود هذه المنكرات لا ألسنة تنطق, ولا وجوه تتمعر, إلا النادر، ويوجد فيما بيننا التلاوم والقيل والقال والمداهنة مع الأسف الشديد, فتجد البعض إذا جلسوا في المجالس يجمعون بين أمور كثيرة؛ فيغتابون الناس ويتركون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فيجمعون بين ترك هذين الأمرين وبين الغيبة, ولا حول ولا قوة إلا بالله فإذا جلسنا في البيوت قلنا: فلان حلق لحيته وجعلها كذا وكذا لا شك أن الذي حلق لحيته ارتكب منكراً, ولكن نقول للذي أتى بهذا الكلام: هل نصحت هذا؟ قال: لا إنما أتى به ليغتابه ويخفف من ذنوبه فلو نصحه وجلس معه وقال: يا أخي! أما علمت أن حلق اللحية حرام؟
وقد صدرت من هيئة كبار العلماء فتاوى قالوا فيها: يحرم حلق اللحية، أو قصها، أو نتفها، أو أخذ شيء منها, والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن حلق اللحية، وأمر بإعفائها, وإكرامها, وإرخائها, وأمر بقص الشارب أو حفه فهذا هو الذي ينبغي لنا, أما أن تكون مجالسنا مجالس غيبة فهذا لا ينبغي.
ثم البعض من الناس يجلس ويأتي بقصة أخرى فيقول: فلان لا يأتي إلى المسجد لا هو ولا أولاده، فنقول له: أيها الأخ في الله! هل طرقت عليه الباب؟ هل دعوته إلى الله؟ هل أمرته بالمعروف؟ فيقول: لا إنما أتى في هذا المجلس ليغتابه أمام الحاضرين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.