فلو تصورنا حال المسلمين اليوم تصوراً صريحاً وحكَّمنا العقل بعيداً عن تيارات العاطفة, لوجدنا في الأمة الإسلامية التي تدعي الإسلام اليوم ما هو أكبر من أسباب الخذلان والهزيمة, ففيهم من لا يؤمن بالله, وانخرط في سلك الشيوعية وصار شيوعياً ملحداً, ولا يؤمن بالله واليوم الآخر, ولا يؤمن بالحساب ولا بالجزاء ولا بالجنة والنار, ومنهم من يشرك بالله, ومنهم من لا يقيم الصلاة, ولا يعترف بالصلاة بالكلية, ولا يؤدي الزكاة, وفيهم من لا يصوم رمضان, ومنهم من لا يحج البيت العتيق, وفيهم من يحكم بغير ما أنزل الله، ويرى أن الحكم بما أنزل الله رجعية، وقد انتهى وقته.
مع الأسف الشديد!
وفي تلك البلدان التي تدعي الإسلام تباع الخمور في أسواقهم وتشرب علانية, وفيها البارات وفيها الخمارات وفيها بيوت الدعارة، وبيوت الزنا واللواط, أين هم من الإسلام؟! وفيهم من لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر, وفيهم من لا يقيم الحدود التي أوجب الله في الجرائم, ويرى أن إقامة الحدود همجية ووحشية، إلى غير ذلك من المعاصي والمنكرات.
أمة الإسلام: لو تفكرنا ونظرنا في كثير من بلدان المسلمين إلى ما يحدث فيها من كثرة البدع والخرافات, والخزعبلات من دعاء الأموات وعبادتهم من دون الله تعالى, والتقرب إلى أهل القبور, وإلى الأضرحة بالنذور وغيرها والطواف بها, وطلب الغوث والنصر من تلك القبور, التي أصبحت فيها تلك الجثث هامدة لا تضر ولا تنفع, وصدق رسول الهدى صلى الله عليه وسلم حيث قال: {بدأ الإسلام غريبا ًوسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء, قيل: من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس} وفي رواية: {الذين يصلحون ما أفسد الناس} فأي غربة أعظم من هذه الغربة؟! والبعض من الناس -مع الأسف الشديد- الذين يدعون الإسلام ليلهم ونهارهم, سرهم وجهارهم يدعون الأموات من دون الله, ويستغيثون بهم, ويطلبون منهم المدد, ويذبحون وينذرون لهم, والبعض ممن يدعي الإسلام قد انشغل وتعلق قلبه بالجن وصار يستعين بهم في كل نائبة وكارثة يهتف بهم ويناديهم من دون الله: يا جني فلان يا جني فلان قال تعالى: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46].
والبعض من الناس ممن يدعي الإسلام -مع الأسف الشديد- إذا أصابته مصيبة أو ألمّت به ملمة, أو ذهبت له ذاهبة ذهب إلى الكهان والسحرة والمنجمين الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من صدق كاهناً بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد} وفي رواية: {من صدق كاهناً بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوماً}.
فيا عباد الله أين الإسلام من أولئك؟ وأين الإيمان ممن نسي الله عز وجل, والتجأ إلى غيره ودعا غيره, واستغاث بغيره, أين هم من قول الله المولى جلَّ وعلا: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:55] {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60].
أمة الإسلام! إن أحوال البعض من المسلمين يرثى لها, كيف لا يا عباد الله وهي قد تلبست بعادات أعداء الإسلام, فنساء المسلمين الآن تلبس القصير والرجال يلبسون الطويل, الرجال يحلقون اللحى ويربون الشوارب, اقتداءً بأعداء الإسلام وأعداء المسلمين, والبعض من المسلمين قد علق في رقبته الذهب, ولبس في يده خاتم الذهب, ولبس في يده ساعة الذهب -فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله- رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {من تشبه بقوم فهو منهم}.