الحمد لله المعز لمن أطاعه والمذل لمن عصاه, الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى, يسر من شاء من عباده إلى طاعته فأسعده ونصره وأيده، وطرد من أشقاه فخذله ووكله إلى نفسه, فصار ذليلاً مخذولاً حيراناً, يتمشى مع التقاليد الغربية والشرقية والإفرنجية, نسألك اللهم العفو والعافية في الدنيا والآخرة, أحمدك اللهم وأشكرك, حمداً كثيراً كما تحب ربنا وترضاه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي جاء بها بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وأيقظنا من رقدتنا حتى ننهج نهجهم يا رب العالمين.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى وأطيعوا واعلموا أن النصر من عند الله, وأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده, والعاقبة للمتقين.
أيها المسلمون: ألا يتساءل البعض؟ ألا يتحدث البعض عن سبب حصول الضعف للمسلمين.
إن الضعف الذي حل بالأمة الإسلامية قد أفقدها شيئاً كثيراً من هيبتها, ومن عزتها ومن كرامتها, لقد دب الضعف في صفوف المسلمين منذ أن تدخل عبد الله بن سبأ اليهودي بثورته الخبيثة التي قتل فيها أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
نعم.
-يا عباد الله- لما اختلفت الأمة الإسلامية في أهوائها وتفرقت كلمتها وتشعبت مناهجها, فصارت ألعوبة للأعداء ولقمةً سائغة أكلتها سباع الشيطان, وما ذاك إلا لما تركت الأمة الإسلامية ما فيه غذاءها الروحي والفكري وهو القرآن والسنة, نعم -يا عباد الله- لما ترك الكثير القرآن والسنة والحكم بالكتاب والسنة والتحاكم إلى الكتاب والسنة, لما تركوا ذلك إلا القليل منهم, وفي مقدمة هذه الفئة القليلة: بلادنا هذه أعزها الله بالإسلام ونصرها وأيدها على من عاداها, فهي ولله الحمد باقية على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وذلك بعد دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى بقيادة إمام الدعوة محمد بن سعود رحمهما الله, وعلى ذلك نهج نهجهم من جاء بعدهم من الذرية, فنسأل الله عز وجل أن يزيدهم من ذلك وأن يحبب إلينا وإليهم الإيمان وأن يزينه في قلوبنا وقلوبهم, وأن يُكره إلينا وإليهم الكفر والفسوق والعصيان إنه على كل شيء قدير.
أمة الإسلام: إذا سمعنا ولي الأمر أو من بعده من ولاة الأمور خاصةً في هذه البلاد ارتاحت الأنفس وتلذذت بخطبهم؛ لأنهم يدعون إلى التمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وبالتمسك بالأخلاق الفاضلة, كل ذلك يدعون إليه جزاهم الله خيراً.
أما البقية من المجاورين لما تركوا ذلك وجروا وراء الأعداء ووراء الاستعمار, جلبوا عليهم بخيلهم ورجلهم, حتى حسنوا لهم البدع والمنكرات, وحتى غزو الأمة من كل جانب وبكل سلاح, غزوها من ناحية الفكر والعقيدة, فغيروا الأفكار وأفسدوا العقيدة, غزوها من ناحية الأخلاق والمثل العليا فأفسدوا الأخلاق, فصارت نساؤهم ترقص في المسارح, ورجالهم يرقصون طرباً وغناء, ونسألك اللهم العفو والعافية.
وصار العباد منهم الجهال يحثونهم على بناء القبب على القبور, وعلى التوسل بها, وعلى عبادتها من دون الله, هذا الذي يريده أعداء الإسلام، وهو غزوٌ فكري غزوا به تلك البلدان، وغزوهم من ناحية المنهج والسلوك فضيعوهم في متاهات الجهل والخرافات والبدع, حتى تفرقت الأمة وكانوا شيعاً, واستبدلوا الحكم بالكتاب والسنة, استبدلوها بالقوانين الوضعية، أحكام الطواغيت وهي الحكم بغير ما أنزل الله جلَّ وعلا.
ومع الأسف الشديد لما انزلقت تلك الأمم في ذلك عَمَّ فيهم الجهل, وأصبحوا الآن يقتل بعضهم بعضاً, ويَسبُ بعضهم بعضاً في الإعلام والمجلات, وصاروا في حلبة الصراع نهبةً للأعداء من كل ناحية, فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.