الحمد لله على إحسانه, والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه, وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم واقتفى آثارهم إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا عباد الله! اتقوا الله عز وجل, وتبصروا في دينكم, واحذروا البدع المحدثة التي تبعدكم عن الله, وتصدكم عن الصراط المستقيم.
عباد الله! لقد بلغ الذين يحضرون الموالد من الإفك والافتراء أن بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد, ولهذا يقومون له محيين ومرحبين، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل, فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة, ولا يتصل بأحد من الناس, ولا يحضر اجتماعاتهم؛ بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة, ويرى في المنام، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
ومما يدلنا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ميت ميتة برزخية أكمل من ميتة الشهداء, والأرض لا تأكل لحوم الأنبياء يقول الله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} [المؤمنون:15 - 16] وقال سبحانه: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر:30] إلى آخر الآيات, وقال صلى الله عليه وسلم: {أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة} فها هو يدلنا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره إلا يوم القيامة, يقول صلى الله عليه وسلم: {أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة, وأنا أول شافع وأول مشفع} عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم, فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث؛ كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة, وهذا أمر مجمع عليه بين علماء المسلمين, ليس فيه نزاع بينهم.
فينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور, والحذر مما أحدثه الجهال وأشباههم من البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهي من أفضل القربات, ومن الأعمال الصالحات كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه في يوم الجمعة وليلة الجمعة ولم يقل: صلوا علي في يوم مولدي, إنما هذا اختلاق اختلقه بعض الجهال، وأمره صلى الله عليه وسلم واضح في سنته المطهرة.
فأكثروا عليه من الصلاة في كل أوقاتكم دائماً وأبداً حتى تلقوه على الحوض إن شاء الله, وإياكم ومحدثات الأمور! وإياكم والبدع! فيقول صلى الله عليه وسلم: {من صلّى علي صلاة صلّى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وفي مقدمة أصحابه الخلفاء الراشدين, وارض اللهم عن البقية أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين, وأذل الشرك والمشركين, اللهم دمّر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين, اللهم اشدد وطأتك على أعداء الإسلام وأعداء المسلمين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون, اللهم أصلح ولاة أمورنا ووفقهم إلى الجلساء الصالحين الناصحين, اللهم قيض لهم الجلساء الصالحين الناصحين, وارزقهم البطانة الصالحة يا رب العالمين, اللهم أصلحنا وأصلح لنا وأصلح بنا، واهدنا واهد لنا واهد بنا يا رب العالمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد, نسألك بأنا نشهد أنك أنت الواحد الأحد الفرد الصمد الحي القيوم الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد, اللهم إنا نسترحمك يا أرحم الراحمين يا أكرم الأكرمين, اللهم يا واسع الفضل والإحسان يا من خزائنه ملأى يا من يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء لا إله إلا أنت ولا رب لنا سواك.
اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً سحاً غدقا نافعاً غير ضار, عاجلاً غير آجل, اللهم اسقنا سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق, يا حي يا قيوم, يا ذا الجلال والإكرام, اللهم انشر رحمتك على العباد, يا من له الدنيا والآخرة وإليه المآب, اللهم أنزل علينا من بركات السماء, اللهم أدر لنا الضرع وأنبت لنا الزرع, اللهم أخرج لنا من بركات الأرض ما يكون لنا عونا ً على طاعتك, وبلاغاً إلى حين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, اللهم ارفع عنا الغلاء والبلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن؛ عنا وعن جميع المسلمين عامة يا رب العالمين.
عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:90 - 91] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على وافر نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون, وصلوا وسلموا على رسول الله.