ثم نَزَل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى مكة بغلس, وصلّى فيها الصبح فلما أصبح أخبر قريشاً بما رأى, فكان في ذلك امتحاناً لهم وزيادة في الطغيان والتكذيب, وقالوا: كيف تزعم يا محمد أنك أتيت بيت المقدس ورجعت في ليلة ونحن نضرب إليه أكباد الإبل شهراً في الذهاب وشهراً في الرجوع؟! فهات وصف لنا بيت المقدس؟
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصفه لهم حيث جلّاه الله له, فجعل ينظر إليه وينعته لهم, فبهتوا! وقالوا: أما الوصف فقد أصاب.
وجاء الناس إلى أبي بكر رضي الله عنه, فقالوا: إن صاحبك يقول كذا وكذا , فقال: إن كان قاله فقد صدق, ثم جاءه وحوله المشركون يحدثهم صلى الله عليه وسلم فكل ما قاله صلى الله عليه وسلم شيئاً, قال أبو بكر: صدقت, فَسُمي الصديق من أجل ذلك رضي الله عنه وأرضاه.
فاعتبروا -أيها المؤمنون- بهذه الآيات العظيمة, واشكروا الله على هذه النعم الجسيمة, واسألوه أن يثبتكم على الإيمان إلى الممات, قال تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم:1 - 18].
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد, أقول قولي هذا وأسأل الله بمنِّه وكرمه أن يرزقنا إيماناً دائماً كاملاً يباشر قلوبنا, ويقيناً صادقاً, وأسأل الله بأسمائه الحسنى, أن يجيرنا من مضلات الفتن إنه على كل شيء قدير, وصلى الله وسلم على نبينا محمد، واستغفروا ربكم إنه هو الغفور الرحيم