ثم رفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى سِدْرة المنتهى فغشيها من أمر الله من البهاء والحسن ما غشيها, حتى لا يستطيع أحد أن يصفها من حسنها.
ثم فرض الله عليه الصلاة خمسين صلاة كل يوم وليلة, فرضي بذلك صلى الله عليه وسلم ثم نزل؛ فلما مر بموسى عليه السلام, قال: ما فرض ربك على أمتك؟ قال: خمسين صلاة في كل يوم وليلة, فقال: إن أمتك لا تطيق ذلك, وقد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة, فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك, قال النبي صلى الله عليه وسلم: فرجعت فوضع عني عشراً, وما زال يراجع ربه حتى استقرت الفريضة على خمس, فنادى مناد: أن أمضيت فريضتي وخففت على عبادي, أي: خمسين في الميزان وخمس في العمل.
هذه -يا عبد الله- الصلاة فرضها رب العزة والجلال على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من فوق سبع سماوات فرضها بدون واسطة, الصلاة الخمس التي يوصي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلفظ آخر رمق من الحياة وهو يقول: {الصلاة الصلاة الصلاة} الصلاة التي ضيّعها الكثير من الناس, عمود الإسلام الذي هدمه كثير من الناس, ومع الأسف الشديد هم يدّعون الإسلام, فالصلاة عمود الإسلام, وهي الفريضة التي فرضها الله على رسول الله من فوق سبع سماوات بدون واسطة, والتي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر حياته, فحافظوا عليها, اتقوا الله في صلاتكم, حافظوا على هذه الصلاة, فإن من حافظ عليها فإنها تكون له نجاةً وبرهاناً يوم القيامة, ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نجاة ولا برهاناً, وحشر يوم القيامة مع قارون وهامان وأبي بن خلف وفرعون.
في تلك الرحلة المباركة التي وصل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فوق السماء السابعة أدخل نبي الهدى صلى الله عليه وسلم الجنة, فإذا فيها قباب اللؤلؤ, وإذا ترابها المسك.