يا من عق والده وأبعده! تذكر تلك اللحظة عندما بُشِّر أبوك بمجيئك، ضاقت به الأرض بما رَحُبَتْ فَرَحاً بك وسروراً، ثم تذكر كد والدك عليك، لا يهدأ له بال مدى الليالي والأيام، يقتحم الشدائد، ويهيم على وجهه؛ لطلب الرزق لأجلك، وتذكر فرحه عندما يراك وأنت في خيرٍ وعافية، وتذكر دفاعه عنك بيده ولسانه، وتذكر دعاءه لك في أوقات الإجابة، وتذكر لحالته إذا تأخرت عن وقت المجيء والحضور، لا يقر له قرار، ولا يهنأ له عيش حتى يراك، تذكر إذا أقبل أقرانك ولم يرك بينهم.
فيا أيها العاق! اعرف حق الوالدين {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن:60].
فحذاري من العقوق يا شباب الإسلام! والله لقد نسمع ما يندى له الجبين، وتضيق به الصدور من بعض ما يحصل من العاقين هداهم الله، فكم من شابٍ قال لأبيه: هذا فرَّاش عندنا، وكم من شابة قالت: هذه خادمة عندنا، يعنون: الأب والأم، فيا لها من مصيبة! والله إن هذا كفران الجميل! أبعد هذا التعب يكونا لك خادماً وخادمة؟!
أبعد هذا الحنو، والشفقة، والعطف، والحنان، وغسل القاذورات، يكونا عندك خادماً وخادمة؟! فإنا لله وإنا إليه راجعون!
ومن أكبر المصيبة أن الرجل إذا كَبُر أو المرأة عند بعض الناس، يأخذوهما بكل استخفاف، وبكل استهتار، ثم يضعونها في دار الرعاية، أنسيت العطف والحنان؟! أنسيت الرعاية يا مسكين؟! بأي شيء تقابل به رب العالمين إذا سألك عن حقوق الوالدين؟!!
اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه.
اللهم أصلح نياتنا، وذرياتنا، واجعلنا من البارين بوالدينا، ولا تجعلنا من العاقين يا رب العالمين.
اللهم أصلحنا، وأصلح لنا، واجعلنا هداة مهتدين.
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.