بعضهم وكأنه يعني أهل زماننا:
هو الموت ما منه ملاذ ومهربُ متى حط ذا عن نعشه ذاك يركبُ
نشاهد ذا عين اليقين حقيقةً عليه مضى طفلٌ وكهلٌ وأشيبُ
ولكن علا الرانُ القلوبَ كأننا بما قد علمناه يقيناً نكذبُ
نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها وعلَّ الردى مما نرجيه أقربُ
ونبني القصور المشمخرات في الهوا وفي علمنا أنا نموت وتخربُ
ونسعى لجمع المال حلاً ومأثماً وبالرغم يحويه البعيد وأقربُ
نحاسَب عنه داخلاً ثم خارجاً وفيما صرفناه ومن أين يُكسبُ
الله أكبر! لا إله إلا الله! هذا المال الذي نجمعه يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم:
نحاسب عنه داخلاً ثم خارجاً وفيما صرفناه ومن أين يُكسبُ
ويسعد فيه وارثٌ متعففٌ تقيٌ ويشقى فيه آخر يلعبُ
وأول ما تبدو ندامة مجرمٍ إذا اشتد فيه الكرب والرُّوح تُجْذَبُ
ويشفق من وضع الكتاب ويمتني لو أن رد للدنيا وهيهات مطلبُ
ويشهد منا كلُّ عضوٍ بفعله وليس على الجبار يخفى المغيَّبُ
إذا قيل أنتم قد علمتم فما الذي عملتم وكلٌ في الكتاب مرتبُ؟
وماذا كسبتم في شبابٍ وصحة وفي عمرٍ أنفاسكم فيه تحسبُ
فيا ليت شعري ما نقول وما الذي نجيب به والأمر إذ ذاك أصعبُ
إلى الله نشكو قسوةً في قلوبنا وفي كل يوم واعظ الموت يندبُ
ولله كم غادٍ حبيبٍ ورائحٍ نشيعه للقبر والدمع يسكبُ
أخٌ أو حميمٌ أو تقيٌ مهذبٌ يواصل في نصح العباد ويدأبُ
نهيل عليه التربَ حتى كأنه عدوٌ وفي الأحشاء نارٌ تلهَّبُ
وما الحال إلا مثل ما قال من مضى وبالجملة الأمثال للناس تضربُ
لكل اجتماعٍ من خليلين فرقةٌ ولو بينهم قد طاب عيشٌ ومشربُ
ومن بعد ذا حشرٌ ونشرٌ وموقفٌ ويومٌ به يُكسى المذلةَ مذنبُ
إذا فر كل من أبيه وأمه كذا الأم لم تنظر إليه ولا الأبُ
وكم ظالمٍ يدمَى من العض كفه مقالته يا ويلتا أين أذهبُ
إذا اقتسمت أعماله غرماؤه وقيل له هذا دماكم فتكسبُ
وصُك له صكٌ إلى النار بعدما يحمل من أوزارهم ويعذبُ
وكم قائلٍ واحسرتا ليت أننا نرد إلى الدنيا ننيب ونرهبُ
ثم قال رحمه الله:
فحثوا مطايا الارتحال وشمروا إلى الله والدار التي ليس تخربُ