ولَمَّا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج قريش، استشار الصحابة رضي الله عنهم، فتكلم المهاجرون فأحسنوا، ثم استشارهم ثانياً، فتكلم المهاجرون فأحسنوا، ثم استشارهم ثالثاً ففهمت الأنصار أنه يعنيهم، فبادر سعد بن معاذ، فقال: [[يا رسول الله! كأنك تعرِّض بنا]] وكان في البيعة إنما بايعهم على أن يحموه من الأحمر والأسود في ديارهم، فلما عزم على الخروج استشارهم صلى الله عليه وسلم ليعلم ما عندهم، فقال سعد رضي الله عنه: [[لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقاً عليها ألا ينصروك إلا في ديارهم، وإني أقول عن الأنصار، وأجيب عنهم: فاظعن حيث شئتَ، وحِل حيث شئت، وصِلْ حبل من شئتَ، واقطع حبل من شئتَ، وخذ من أموالنا ما شئتَ، واعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركتَ، وما أمرتَ فيه من أمر فأمرنا تبع لأمركَ، فوالله، لئن سرت بنا حتى تبلغ البِرْكَ من غمدان، لنَسِيْرَنَّ معك، ووالله لئن استعرضتَ بنا هذا البحر، خضناه معكَ]].
وقال أيضاً المقداد رضي الله عنه -وهو من المهاجرين-: [[لا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة:24] ولكنا نقاتل عن يمينك، وعن شمالك، ومن بين يديك، ومن خلفك]] فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسُر بما سمع من أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، وقال صلى الله عليه وسلم: {سيروا، وأبشروا، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، وإني قد رأيتُ مصارع القوم} فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر.