وأما أبو سفيان: فإنه بلغه مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصده إياه، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة مستصرخاً بقريش بالنفير إلى عيرهم؛ ليمنعوا عيرهم من محمد وأصحابه، وبلغ الصريخ أهل مكة، فنهضوا مسرعين، ولم يتخلف من أشرافهم أحد، سوى أبي لهب، فإنه عوَّض عنه رجلاً كان له عليه دين، وحشدوا فيما حولهم من قبائل العرب، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش، إلا بني عدي، فلم يخرج معهم منهم أحد، وخرجوا من ديارهم، كما قال الله تعالى: {بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال:47] أقبلوا بحَدِّهم وحديدهم، جاءوا على حَرْدٍ قادرين، على حمية وغضب وحنَق على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أصحابه رضي الله عنهم، لِمَا يريدون مِن أخْذ عيرهم، وقتْل مَن فيها.