من مسلماتنا -أيها الإخوة- التي نعرفها في هذه البلاد ولا يكاد يعرفها كثيرٌ من أبناء المسلمين انقسام التوحيد إلى أنواعه الثلاثة:
توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وكلها تعود إلى توحيد الألوهية، ولهذا إذا أردنا أن نعرفها جميعاً بتعريفٍ يجمعها كلها بما يشمل توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، فنقول: هي إفراد الله عز وجل بما يختص به.
فإذا ما جئنا إلى توحيد الربوبية وهو الذي نعرفه بأنه: توحيد الله بأفعاله؛ من الخلق والرزق والإحياء والممات نقول هو: إفراد الله بالخلق والملك والتدبير.
وهذه الصفات الثلاث تجمع جميع خصائص الله عز وجل في أفعاله سبحانه وتعالى، سواء كان إنزال غيث أو كان إحياء، كلها في خلقه وملكه وتدبيره، والتدبير كل تصريف، والملك الهيمنة على هذا الكون سبحانه وتعالى، فهو له وحده، ولهذا قال: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران:26] كلها داخلة في الملك، فإذاً توحيد الربوبية هو: توحيده من حيث إنه إفراد الله عز وجل بالخلق والملك والتدبير، وإذا ما نسبنا الملك والتدبير والتصرف إلى غيره فهي إضافية، وإلا فإن الله عز وجل نسب لنا ملكاً وذكر أننا نملك وقال: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء:5] فهي إضافية بحدود ما أعطانا الله سبحانه وتعالى، أما الملك الحقيقي والتصرف الحقيقي فهو لله سبحانه وتعالى، ومن هنا لا بد أن نفرد الله عز وجل بما يختص به.
وتوحيد الألوهية هو: إفراده سبحانه بالعبادة، وفي أصله: هو توحيد الله بأفعال العباد، بمعنى: أفعالنا نحن التي تصدر منا، من دعاء واستغاثة واستعانة وذبحٍ ونذر هي أفعالنا نحن نفردها لله سبحانه وتعالى، ونخصه بها، ولهذا نقول: إن التوحيد هو: إفراد الله بالعبادة، ولاحظوا أننا نستصحب كلمة إفراد لأننا نعرف التوحيد.
وتوحيد الأسماء والصفات هو: إفراده سبحانه وتعالى وتفرده بما سمى به نفسه ووصف به نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
إذاً: بهذا ندرك معنى التوحيد كله، وهو: إفراد الله بما يختص به، إن كان في أفعاله سبحانه، وإن كان في أفعالنا، وإن كان في أسمائه وصفاته، وإذا أردتم المزيد لتعريف التوحيد؛ لاحظوا تعريف ضده وهو الشرك.