الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، سبحانه وبحمده، أوجد الكون ودبَّره، وخلق الإنسان من نطفة فقدره، ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ، ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ، ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ.
والشكر لربنا على جميل لطفه، وجزيل ثوابه، وواسع فضله، عَظُم حِلْمُه فستر، واستغفره المذنبون فغفر، وبسط يده بالعطاء فأكثر، قصَدَتْه الخلائق بحاجاتها فأعطاها، وتوجهت إليه القلوب بلهفاتها فهداها.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تكفَّل برزق جميع الخلائق، وتعرَّف إلى خلقه بالدلائل والحقائق، له الحكمة فيما قدَّر وقضى، وإليه وحده تُرفَع الشكوى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، أرفعُ عباد الله قدراً، وأكثرهم لمولاه شكراً، وأعظمهم لربه ذكراً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، صفوة الله من خلقه، وخيرته من عباده، والتابعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه، نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه، سبحانك ربنا، أنت إلهنا، ونحن عبيدك، أنت الملك، لا إله إلا أنت، ظلمنا أنفسنا، واعترفنا بذنوبنا، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت.
أما بعد:
عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله -رحمكم الله- فتقوى الله طريق النجاة والسلامة، وسبيل الفوز والكرامة، بالتقوى تزداد النعم، وتتنزل البركات، وبها تُصْرَف النقم، وتستدفع الآفات.
عباد الله: تأملوا في هذه الحياة، مُدْبِرٌ مُقْبِلُها، ومائلٌ مُعْتَدِلُها، كثيرةٌ عللها، إن أضحكت بزخرفها قليلاً، فلقد أبكت بأكدارها طويلاً.
تفكروا في حال مَن جَمَعَها ثم مُنِعَها، انتقلت إلى غيره، وحَمَل إثمها ومغرمها، فيا لحسرة من فرط في جنب الله! ويا لندامة من اجترأ على محارم الله! أقوام غافلون، جاءتهم المواعظ فاستقلوها، وتوالت عليهم النصائح فرفضوها، توالت عليهم نعم الله فما شكروها، ثم جاءهم ريب المنون، فأصبحوا بأعمالهم مرتهَنين، وعلى ما قدمت أيديهم نادمين: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء:205 - 207].